أن قال: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى خلق بمشيته في بحر قدرته سمكا صغارا تصيدها بزاة الملوك والخلفاء، فيختبرون بها سلالة أهل النبوة.
فلما سمع المأمون كلامه عجب منه وجعل يطيل نظره إليه وقال: أنت ابن الرضا حقا، وضاعف إحسانه إليه (1).
وقال صفوان بن يحيى: حدثني أبو نصر الهمداني، [قال]: حدثتني حكيمة بنت أبي الحسن موسى (عليه السلام) وهي عمة أبي جعفر (عليه السلام) قالت: لما مات أبو جعفر الجواد أتيت زوجته. أم الفضل بنت المأمون أعزيها فوجدتها شديدة الجزع والحزن تقتل نفسها عليه بالبكاء والعويل، فخفت عليها أن يتصدع قلبها فبينا نحن في حديث كرمه إذ قالت أم الفضل: ألا أخبرك بأمر جليل الوصف والمقدار؟ قلت:
وما ذاك؟ قالت: كنت أغار عليه كثيرا وارقبه أبدا، وكان ربما أسمعني الكلام فاشكو ذلك إلى أبي فيقول: يا بنية احتمليه فإنه بضعة من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فبينما أنا جالسة ذات يوم إذ دخلت علي جارية فسلمت. فقلت: من أنت؟
فقالت: أنا جارية من ولد عمار بن ياسر، وأنا زوجة محمد بن علي. فدخلني من الغيرة مالا أقدر عليه، وهممت أن أخرج وأسيح في البلاد، وكاد الشيطان أن يحملني على الإساءة إليها، فكظمت غيظي وأحسنت رفدها وكسوتها، فلما خرجت عني لم أتمالك أن نهضت فدخلت على أبي فأخبرته وكان سكرانا لا يعقل، فقال: علي بالسيف، فاتي به، ثم ركب وقال: والله لأقطعنه إربا إربا. فلما رأيت ذلك قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون ماذا صنعت بزوجي، وجعلت ألطم وجهي، فدخل عليه والدي وما زال يضربه بالسيف حتى قطعه ثم خرج وخرجت هاربة خلفه ولم أرقد ليلتي، فلما أصبحت أنبت أبي فقلت له: أتدري ما صنعت البارحة؟ فقال: وما صنعت؟ قلت: قتلت ابن الرضا محمدا. فذرفت عيناه وغشي عليه ثم أفاق بعد حين فقال: ويلك ما تقولين أصحيح هو؟ فقلت: نعم والله يا أبه، دخلت عليه ولم تزل تضربه بالسيف حتى قتلته. فاضطرب من ذلك اضطرابا