فيه مسلك، وعلى مقاعد كرامته مجلس، ومنادي البشارة ينادي في كل يوم: أيتها الخضرة اهتزي وبشري سكانك بعظيم نور محمد المضروب بين السماء والأرض فقد صار إلى قرار الأرحام ومستقر الأصلاب. وضرب له بين السماء والأرض عمود من النور، فلم يزل ذلك النور في الأرض ممدودا حتى أدرك شيث وبلغ، وذلك النور لا يفارق وجهه.
وأيقن آدم (عليه السلام) بالموت والمفارقة حين أدرك شيث، فأخذ بيد شيث وانطلق به إلى الحوض الأعظم وقال: يا بني إن الله عز وجل أمرني أن آخذ عليك عهدا وميثاقا من أجل هذا النور المستودع في وجهك وظهرك أن لا تضعه إلا في أطهر نساء العالمين، واعلم أن ربي عز وجل قد أخذ فيه علي عهدا عظيما وميثاقا شديدا.
ثم قال آدم (عليه السلام): ربي وسيدي إنك أمرتني أن آخذ على شيث من بين ولدي عهدا من أجل هذا النور الذي في وجهه، فأسألك أن تبعث إلي ملائكة من ملائكتك ليكونوا شهودا عليه.
قال: فما استتم آدم الدعوة حتى نزل جبرئيل (عليه السلام) في سبعين ألف ملك، معه حريرة بيضاء وقلم من أقلام الجنة، فقال: السلام عليك يا روح الله فإن الله عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول: قد آن لحبيبي محمد أن ينتقل في الأصلاب والأرحام، وهذه حريرة بيضاء وقلم من أقلام الجنة ليستمد لك من غير مداد نورا بإذني، فاكتب على ابنك شيث كتاب العهد والأمانة بشهادة هؤلاء فإنهم عباد ملائكة السماوات.
قال: فكتب آدم (عليه السلام) كتابا وأشهد عليه رب العزة جل جلاله وجبرئيل ومن حضر من الملائكة، وطوى الحريرة طيا شديدا وختمها بخاتم جبرئيل (عليه السلام)، وكسا شيث في ذلك المقام حلتين حمراوين في نور الشمس ورقة الماء، وزوجه الله عز وجل قبل نزول الملائكة بمخوايلة (1) البيضاء، وكانت في طول حواء وجمالها