الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٧٧
فولدت له عبد المطلب، واسمه شيبة الحمد، فصارت مكارم الأخلاق كلها إليه.
وقد قيل: إنما سمي شيبة لأنه ولد وكان في رأسه شعرة بيضاء حين ولد، فبذلك سمي شيبة.
وولد بيثرب وهي المدينة، فمكث بها سبع سنين أو ثمان سنين حتى أخذه المطلب وأردفه خلفه على راحلته لا يثق أن يدعه وحده ظنا به وحبا له، ودخل به مكة فسمي بذلك عبد المطلب، وأقام في مكة وهو سيدها وكبيرها، فتزوج هالة بنت الحارث، فولدت له أبا لهب واسمه عبد العزى، فخرج كافرا شيطانا رجيما، ثم ماتت فتزوج بعدها سعدي بنت غياث فأولدها العباس ثم ماتت، فتزوج بعدها حميدة فولدت له حمزة سيد الشهداء وحجل وعاتكة، وبقي زمانا ودهرا لا يدري من يتزوج من نساء العالمين حتى أري في منامه أن يتزوج فاطمة بنت عمرو، فتزوجها وأمهرها مائة ناقة حمراء ومائة رطل من الذهب الأحمر، فواقعها فأولدها أبا طالب وآمنة بنت عبد المطلب وبرة بنت عبد المطلب.
وأقام على ذلك زمانا ودهرا لا يخرج نور رسول الله (صلى الله عليه وآله) من وجه عبد المطلب إلى بطن فاطمة، فلما كان يوما من الأيام راجعا من قنصه وصيده في الظهيرة نصف النهار وهو عطشان يلهث فرأى في الحجر ماء فنزل فشرب من ذلك الماء فوجد برده على قلبه، ثم دخل تلك الساعة على فاطمة فواقعها فحملت بعبد الله، وهو أصغر أولاده.
فلما ولد سر أبوه سرورا شديدا، ولم يبق أحد من أحبار الشام إلا علم بمولده، وذلك أنه كانت عندهم جبة من صوف بيضاء، وكانت الجبة مغموسة في دم يحيى بن زكريا عليهما السلام، وكانوا يجدون في الكتب عندهم إذا رأيتم الجبة بيضاء والدم يقطر فاعلموا أنه قد ولد عبد الله بن عبد المطلب، فعدوا الأيام والشهور والسنين فلما أن صار غلاما مترعرعا قدم عليه الأحبار ليقتلوه فصرف الله عز وجل كيدهم عنه، فرجعوا إلى الشام ولم يقدروا له على حيلة.
قال: وكانت تجارات قريش يومئذ بأرض الشام، فكان لا يقدم على أحبار
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»