فلما حملت هاجر إسماعيل (عليه السلام) اغتمت من ذلك غما شديدا، فلم تزل في أشد الغم والكرب. فلما ولدت هاجر إسماعيل (عليه السلام) أدرك سارة الغيرة فأخذها ما يأخذ النساء، فبكت وقالت: يا إبراهيم مالي من بين الخلق حرمت الولد؟
قال لها إبراهيم (عليه السلام): أبشري وقري عينا، فإن الله عز وجل منجز وعده، وأنه لا يخلف الميعاد. فلم تزل سارة كذلك حتى رزقها الله عز وجل إسحاق (عليه السلام).
فلما نشأ وصار رجلا أدركت إبراهيم (عليه السلام) الوفاة، فجمع أولاده وهم يومئذ ستة ودعا بتابوت آدم (عليه السلام) ففتحه وقال: يا بني انظروا إلى هذا التابوت.
قال: فنظروا فإذا فيه بيوت بعدد الأنبياء كلهم أجمعين، وآخر البيوت بيت محمد (صلى الله عليه وآله) ياقوتة حمراء. قال: فإذا هو قائم يصلي وبين يديه علي بن أبي طالب شاهرا سيفه على عاتقه، مكتوب على جبينه: هذا أخوه وابن عمه المؤيد بالنصر من عند الله عز وجل. وحوله عمومته والخلفاء والنقباء.
فقال إبراهيم (عليه السلام) لبنيه: يا بني انظروا في من ترون النبيين منقولين.
قال: فنظروا فإذا الأنبياء عليهم السلام كلهم منقولون في صلب إسحاق إلا النبي محمد (صلى الله عليه وآله) خالصا فإنه منقول في صلب إسماعيل.
قال: فلما نظر إبراهيم (عليه السلام) إلى النور في وجه إسماعيل (عليه السلام) قال: بخ بخ، هنيئا لك يا بني، قد خصك الله تعالى بنور نبيه (صلى الله عليه وآله)، فأنا آخذ عليك عهدا وميثاقا.
قال: فلم يزل إسماعيل (عليه السلام) متمسكا بذلك العهد والميثاق حتى تزوج هالة بنت الحارث فواقعها، فولدت له قيدار، وفيه نور رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فلما نظر إسماعيل إلى النور في وجه قيدار سلم إليه التابوت، وأوصاه بدين الله وسنته، وأمره أن لا يضع النور إلا في أطهر نساء العالمين.
قال: فنظر قيدار إلى المطهرات من ولد إسحاق فتزوج منهن بمائتي امرأة، وكان شابا جميلا، فأحب الله عز وجل أن يريه في نفسه عجائب كثيرة لئلا يضع هذا النور إلا في أطهر نساء العالمين.
قال: وكان قيدار ملك قومه وسيدهم، وكان قد أعطي سبع خصال لم يعطها