الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٧٠
أحد من الناس قبله: أعطي: 1 - القنص، 2 - والرمي، 3 - والفروسية، 4 - والشدة، 5 - والبأس، 6 - والصراع، 7 - وإتيان النساء.
وكان صاحب قنص وصيد. وكان قد تزوج بمائتي امرأة من بنات إسحاق، وأقام معهن مائتي سنة لا يحبلن ولا يلدن له ولدا، فبينا هو ذات يوم راجع من قنصه فتلقته زمرة من الوحش والطير والسباع من كل مكان، فنادته بلسان الآدميين: ويحك يا قيدار قد مضى عمرك وإنما همتك اللهو ولذة الدنيا، أما آن لك بعد أن تهتم بنور محمد أين تضعه، ولماذا استودعته؟
قال: فرجع قيدار إلى منزله مغموما مكروبا، وحلف بإله إبراهيم ألا يطعم طعاما ولا يشرب شرابا ولا يقرب أنثى أبدا حتى يأتيه بيان ما سمع على ألسنة الطير والوحش والسباع، إذ بعث الله عز وجل إليه ملكا في الهواء في صورة رجل من الآدميين لم ير قيدار أحسن منه وجها، ولا أنقى منه ثوبا، ولا أحسن منه خلقا، فهبط عليه الملك فسلم، فرد قيذار عليه السلام، فقعد معه.
فقال: يا قيذار إنك قد ملكت البلاد، وقد زينت بالقوة والبأس، وقد نقل إليك مع هذا نور محمد (صلى الله عليه وآله)، وأنه كائن لك ولد من غير نسل إسحاق (عليه السلام)، فلو انك تجردت وقربت لإله إبراهيم قربانا وسألته أن يبين لك من أين لك التزويج لكان ذلك خيرا لك من اللهو والتواني. وتركه الملك وعرج إلى مقامه.
فقام قيذار تلك الساعة، وكان صاحب جمة وجمال وبهاء وكمال إلى البقعة التي ولد فيها إسماعيل (عليه السلام) فقرب يومئذ سبعمائة كبش أقرن من كباش إبراهيم (عليه السلام)، فكان كلما ذبح كبشا جاءت نار من السماء حمراء لا دخان لها في سلاسل بيض فتأخذ ذلك القربان فتصعد به إلى السماء. فلم يزل قيذار يذبح ويقرب حتى ناداه مناد: حسبك يا قيذار فقد استجاب الله دعوتك وقبل قربانك، انطلق من فورك هذا إلى شجرة الوعد فنم في أصلها وانتبه إلى ما تؤمر به في المنام فافعله.
قال: فرد قيذار باقي غنمه، وأقبل حتى أتى الشجرة فنام في أصلها، فأتاه آت في المنام فقال له: يا قيذار إن هذا النور الذي في ظهرك هو النور الذي فتح الله
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»