الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٦١٤
فقال جابر: فقلت في نفسي: شكوت إليه الحاجة فقال ما عندي شئ، وأمر للكميت بثلاثين ألف درهم! وخرج الكميت.
فقال: يا جابر قم فادخل ذلك البيت.
قال: فدخلته فلم أجد فيه شيئا، فخرجت فأخبرته فقال: يا جابر ما سترنا عنك أكثر مما أظهرناه لك. ثم قام فأخذ بيدي فأدخلني البيت وضرب برجله الأرض فإذا شبيه عنق البعير قد خرج من ذهب فقال: يا جابر انظر إلى هذا ولا تخبر به إلا من تثق به من إخوانك، يا جابر إن جبرائيل (عليه السلام) أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) غير مرة بمفاتيح خزائن الأرض وكنوزها وخيره من غير أن ينقصه الله مما أعد له شيئا فاختار التواضع لله عز وجل، ونحن نختاره يا جابر، إن الله أقدرنا على ما نريد من خزائن الأرض، ولو شئنا أن نسوق الأرض بأزمتها لسقناها (1).
وقال عطية أخو أبي العوام: كنت مع أبي جعفر (عليه السلام) في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) إذ أقبل أعرابي على جمل له فعقله، ثم دخل فضرب بيده يمينا وشمالا كأنه طائر العقل، فهتف به أبو جعفر (عليه السلام) فلم يسمعه، فأخذ كفا من حصى فحصبه به، فأقبل الأعرابي حتى برك بين يديه، فقال له: يا أعرابي من أين أقبلت؟ قال: من أقصى الأرض وما خلفي من شئ، أقبلت من الأحقاف. قال: أي الأحقاف؟ قال:
أحقاف عاد. قال: يا أعرابي فما مررت به في طريقك؟ قال: مررت بكذا.
قال: فقال أبو جعفر: ومررت بكذا؟ فقال الأعرابي: نعم ومررت بكذا. قال أبو جعفر (عليه السلام): ومررت بكذا.
فلم يزل يقول الأعرابي: مررت بكذا، ويقول له أبو جعفر (عليه السلام): ومررت بكذا، إلى أن قال له أبو جعفر: فمررت بشجرة يقال لها شجرة الرفاف. قال: فوثب الأعرابي على رجليه ثم صفق بيده وقال: تالله ما رأيت رجلا أعلم بالبلاد منك، أوطئتها؟ قال: لا يا أعرابي ولكنها عندي في كتاب، يا أعرابي إن من ورائكم لواد

(١) الاختصاص: ص 271 - 272.
(٦١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 609 610 611 612 613 614 615 616 617 619 621 ... » »»