الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٤٥٣
باب المنزل وقال يا بن أبي طالب إنه طعام محرم إلا علي.
قال علي (عليه السلام): فجلست على الباب وخلا النبي (صلى الله عليه وآله) بالطعام، وكشف الطبق وإذ عذق من رطب وعنقود من عنب، فأكل النبي (عليه السلام) منه شبعا وشرب من الماء ريا، ومد يده للغسل فأفاض الماء عليه جبرائيل وغسل يديه ميكائيل ومندله إسرافيل وارتفع فاضل الطعام مع الإناء إلى السماء.
ثم قام النبي (صلى الله عليه وآله) ليصلي فأقبل عليه جبرائيل وقال: الصلاة محرمة عليك في وقتك حتى تأتي إلى منزل خديجة فتواقعها فإن الله عز وجل آلى على نفسه أن يخلق من صلبك في هذه الليلة ذرية طيبة. فوثب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى منزل خديجة.
قالت خديجة رضوان الله عليها: وقد ألفت الوحدة فكان إذا جنني الليل غطيت رأسي وأسجفت ستري (1) وغلقت بابي وصليت وردي وأطفأت مصباحي وأويت إلى فراشي. فلما كان في تلك الليلة لم أكن بالنائمة ولا بالمنتبهة إذ جاء النبي (صلى الله عليه وآله) فقرع الباب، فناديت: من هذا الذي يقرع حلقة لا يقرعها إلا محمد (صلى الله عليه وآله)؟ قالت خديجة: فنادى النبي (صلى الله عليه وآله) بهذوبة كلامه وحلاوة منطقه افتحي يا خديجة فإني محمد. قالت خديجة: فقمت فرحة مستبشرة بالنبي وفتحت الباب ودخل النبي المنزل، وكان من أخلاقه إذا دخل المنزل دعا بالإناء فتطهر للصلاة ثم يقوم فيصلي ركعتين يوجز فيها ثم يأوي إلى فراشه، فلما كان في تلك الليلة لم يدع بالإناء ولم يتأهب للصلاة غير أنه أخذ بعضدي وأقعدني على فراشه وداعبني ومازحني وكان بيني وبينه ما يكون بين المرأة وبعلها، فلا والذي سمك السماء وأنبع الماء ما تباعد عني النبي (صلى الله عليه وآله) حتى حسست بثقل فاطمة في بطني (2).
وحدث يعقوب بن زيد الأنباري، عن همام بن عيسى (3) عن زرعة بن عبد الله،

(١) أسجفت الستر: أرسلته.
(٢) بحار الأنوار: ج ١٦ ص ٧٨ باب 5 ذيل ح 20 نقلا عن كتاب العدد.
(3) في المصدر: حماد بن عيسى.
(٤٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 447 448 449 451 452 453 454 455 456 457 458 ... » »»