الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٤٥٢
وروي عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل خلق فاطمة من نور العظمة الممزوج بنور الرحمة.
وقيل: بينا النبي (صلى الله عليه وآله) جالس بالأبطح ومعه عمار بن ياسر والمنذر بن الضحضاح وأبو بكر وعمر وعلي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب إذ هبط عليه جبرائيل (عليه السلام) في صورته العظمى وقد نشر أجنحته حتى أخذت من المشرق إلى المغرب فناداه: يا محمد العلي الأعلى يقرأ عليك السلام وهو يأمرك أن تعتزل عن خديجة أربعين صباحا. فشق ذلك على النبي (صلى الله عليه وآله) وكان لها محبا وبها وامقا (1).
قال: فأقام النبي (صلى الله عليه وآله) أربعين يوما يصوم النهار ويقوم الليل حتى إذا كان في آخر أيامه تلك بعث إلى خديجة بعمار بن ياسر وقال: قل لها يا خديجة لا تظني أن انقطاعي عنك هجرة ولا قلى (2) ولكن ربي عز وجل أمرني بذلك لينفذ أمره، فلا تظني يا خديجة إلا خيرا، فإن الله عز وجل ليباهي بك كرام ملائكته كل يوم مرارا، فإذا جنك الليل فأجفي الباب (3) وخذي مضجعك من فراشك فإني في منزل فاطمة بنت أسد.
فجعلت خديجة تحزن في كل يوم مرارا لفقد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فلما كان في كمال الأربعين هبط جبرائيل (عليه السلام) فقال: يا محمد العلي الأعلى يقرأ عليك السلام وهو يأمرك أن تتأهب لتحيته وتحفته. قال النبي (عليه السلام): يا جبرائيل وما تحفة رب العالمين وما تحيته؟ قال: لا علم لي قال: فبينا النبي (عليه السلام) كذلك إذ هبط ميكائيل ومعه طبق مغطى بمنديل سندس أو قال إستبرق فوضعه بين يدي النبي (عليه السلام)، وأقبل جبرائيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: يا محمد يأمرك ربك أن تجعل إفطارك الليلة على هذا الطعام.
فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أراد أن يفطر أمرني أن أفتح الباب لمن يرد إلى الإفطار. فلما كان في تلك الليلة أقعدني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على

(1) الوامق: المحب.
(2) ولا قلى: أي ولا غضب.
(3) أجفت الباب: رددته.
(٤٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 451 452 453 454 455 456 457 ... » »»