الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٤٣٢
قال: ثم وثب عبد الله بن سامع الهمداني فقال: ثكلتني أمي وعدمتني إن أنا فارقتك أو انصرفت عنك إلى أحد من الناس هو خير منك أو شبيه بك، والله ما نعلم مكان أحد أصلح منك في وقتنا هذا، ولكن نصبر معك فإن نمت فسعداء وإن نقتل فشهداء، والله لئن اقتل معك على بصيرة محتسبا لنفسي أحب إلي من أن أوتى أجر عشرين شهيدا مع غيرك.
قال: ثم وثب محمد بن يسير الشاكري فقال: يا بن خير الأخيار وابن أبر الأبرار ما خلى النبيين والمرسلين، والله لئن آكل العظام المحرقة والجلود البالية والميتة والدم على حال الضرورة أحب إلي من أن أبقى مع القوم الظالمين، لأنه قد ابتلى الصالحين من قبلنا فكانت تقطع أيديهم وأرجلهم وتسمل أعينهم ويصلبون على جذوع النخل أحيانا، كما فعل ابن سمية زياد ابن أبيه وابن مرجانة عبيد الله بن زياد الفاجر الفاسق اللعين بشيعتكم فكانوا يقتلون صبرا كما قتل حجر بن عدي وأصحابه، مثل ذلك كانوا يقتلون وعلى ذلك كانوا يصبرون.
قال: فقال محمد بن الحنفية (رضي الله عنه): جزاكم الله من صحابة خير جزاء الصالحين الصابرين.
قال: وجد عبد الله بن الزبير بعداوة محمد بن الحنفية كل ذلك ليبايع، وهو يأبى عليه.
قال: وبلغ الخبر عبد الملك بن مروان فكتب إلى محمد بن الحنفية: أما بعد فقد بلغني ما به ابن الزبير مما ليس له بأهل وأنا عن قليل سائر إليه إن شاء الله، ولا قوة إلا بالله العظيم، فانظر إذا قرأت كتابي هذا فسر إلى ما قبلي، أنت ومن معك من شيعتك، وانزل من حيث أحببت من أرض الشام آمنا مطمئنا إلى أن يستقيم أمر الناس فتختار أي الخصال أحببت والسلام.
قال: فعندها عزم محمد بن الحنفية على المسير إلى الشام.
وكتب عبد الله بن عباس إلى عبد الملك بن مروان: أما بعد فإنه قد توجه إلى بلادك رجل منا لا يبدأ بالسوء ولا يكافئ على الظلم، لا بعجول ولا بجهول، سميع
(٤٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 ... » »»