الصلاة بالناس فقال لأبي الحسن علي الرضا (عليه السلام): يا أبا الحسن قم وصلي بالناس.
فخرج الرضا (عليه السلام) وعليه قميص قصير أبيض، وعمامة بيضاء لطيفة، وهما من قطن وفي يده قضيب، فأقبل ماشيا يأم المصلى وهو يقول: (السلام على أبوي آدم ونوح، السلام على أبوي إبراهيم وإسماعيل، السلام على أبوي محمد وعلي، السلام على عباد الله الصالحين).
فلما رآه الناس هرعوا إليه وانثالوا عليه لتقبيل يده، فأسرع بعض الحاشية إلى الخليفة المأمون فقال: يا أمير المؤمنين تدارك الناس واخرج إليهم وصل بهم وإلا خرجت الخلافة منك الآن.
فحمله على أن خرج بنفسه وجاء مسرعا والرضا (عليه السلام) بعد من كثرة زحام الناس عليه لم يخلص إلى المصلى، فتقدم المأمون وصلى بالناس (1).
فلما انقضى ذلك قال هرثمة بن أعين، وكان في خدم الخليفة إلا أنه كان محبا لأهل البيت إلى الغاية يأخذ نفسه بأنه من شيعتهم، وكان قائما بمصالح الرضا باذلا نفسه بين يديه متقربا إلى الله تعالى بخدمته.
قال: طلبني سيدي الرضا وقال لي: (يا هرثمة إني مطلعك على أمر يكون عندك سر لا تظهره وأنا حي، وإن أظهرته حالة حياتي كنت خصمك عند الله تعالى) فعاهدته أنني لا أعلم بها أحد ما لم تأمرني.
فقال (عليه السلام): (إعلم إنني بعد أيام آكل عنبا ورمانا مفتوتا فأموت، ويقصد الخليفة أن يجعل قبري ومدفني خلف قبر أبيه الرشيد، وإن الله تعالى لا يقدره على ذلك، فإن الأرض تشتد عليهم فلا يستطيع أحد حفر شئ منها، وإنما قبري في بقعة كذا - الموضع عينه - فإذا أنا مت وجهزت فأعلمه بجميع ما قلت لك، وقل له يتأن في الصلاة علي، فإنه يأتي رجل عربي ملثم على بعير مسرع وعليه