مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٣٨٣
أن بينها وبين قتلهم أمدا بعيدا، وتحققت النفوس المطمئنة بالله كون الظالم والمظلوم شقيا وسعيدا، وضاقت الأرض بما رحبت على حرم الحسين (عليه السلام) وأطفاله إذ بقي وحيدا، فلما رأى (عليه السلام) وحدته، ورزى أسرته وفقد نصرته، تقدم على فرسه إلى القوم حتى واجههم وقال لهم: يا أهل الكوفة قبحا لكم وتعسا حين استصرختمونا ولهين فأتيناكم موجفين، فشحذتم علينا سيفا كان في أيماننا وحششتم علينا نارا نحن أضرمناها على أعدائكم وأعدائنا فأصبحتم ألبا على أوليائكم ويدا لأعدائكم (1) من غير عدل أفشوه فيكم ولا ذنب كان منا إليكم فلكم الويلات هلا إذ (كرهتموها تركتموها) (2) والسيف ما شيم والجأش ما طاش والرأي لما يستحصد ولكنكم أسرعتم إلى بيعتنا إسراع الدبا وتهافتم إليها كتهافت الفراش ثم نقضتموها سفها وضلة وفتكا لطواغيت الأمة وبقية الأحزاب ونبذة الكتاب ثم أنتم هؤلاء تتخاذلون عنا وتقتلونا ألا لعنة الله على الظالمين (الذين يصدون عن سبيل الله) (3).
ثم حرك فرسه إليهم والسيف مصلت في يده وهو آيس من نفسه عازم على الموت وقال هذه الأبيات:
أنا ابن علي الخير من آل هاشم * كفاني بهذا مفخرا حين أفخر وجدي رسول الله أكرم من مشى * ونحن بسراج الله في الخلق يزهر وفاطمة أمي سلالة أحمد * وعمي يدعى ذا الجناحين جعفر وفينا كتاب الله أنزل صادقا * وفينا الهدى والوحي والخير يذكر ونحن ولاة الأرض نسقي ولاتنا * بكأس رسول الله ما ليس ينكر وشيعتنا في الناس أكرم شيعة * ومبغضنا يوم القيامة يخسر

1 - في نسخة (ع): على أعدائكم.
2 - في كشف الغمة: تركتمونا.
3 - ليس في (ط).
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»