مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٣٨١
نغم المزامر (1) المطربة، ويسرع إلى مصاف التصادم مسارعته إلى مواصلة النواظر المعجبة، خائضا غمرات الأهوال بنفس مطمئنة وعزيمة مطنبة، يعد مصافحة الصفاح غنيمة بادرة (2) ومرامحة الرماح فائدة عائدة، ومكافحة الكتائب مكرمة زائدة، ومناوحة المناقب (3) منقبة شاهدة، يعتقد القتل ملحفة طلل الحياة الأبدية، ويسعفه جلل المحامد السرمدية، ويزلفه من منازل الفخار العالية المغرة للشهداء الأحدية، جانحا إلى ابتياع العز بمهجته ويراها ثمنا قليلا جامحا عن ارتكاب الدنايا وإن غادرت جماحه قتيلا:
يرى الموت أحلى من ركوب دنية * ولا يعتدى للناقصين عديلا ويستعذب التعذيب فيما يفيده * نزاهته عن أن يكون ذليلا فهذا مالك زمام الشجاعة وحائزها، وله من قداحها معلاها وفائزها، قد تفوق بها لبان الشرف واغتذاه، وتطوق در سحابه المستحلا وتحلاه، وعبق نشر أرجه المنتشر مما أتاه، ونطق فعله بمدحه وإن لم يفض فاه، وصدق والله واصفه بالشجاعة التي يحبها الله، وإذا ظهرت دلالة الآثار على مؤثرها، وأسفرت عن تحقق مثيرها ومثمرها.
فقد صرح النقلة في صحائف السير بما رأوه (4) وجزموا القول بما نقله المتقدم إلى المتأخر فيما رووه (5) أن الحسين (عليه السلام) لما قصد العراق وشارف الكوفة، سرب إليه أميرها يومئذ عبيد الله بن زياد الجنود لمقاتلته أحزابا، وحزب عليه الجيوش لمقاتلته أسرابا، وجهز من العساكر عشرين ألف فارس وراجل (6) يتتابعون كتائبا وأطلابا، فلما حصروه وأحدقوا به شاكين في العدة والعديد،

1 - في نسخة (ط): المزاهر.
2 - في كشف الغمة: باردة.
3 - في نسخة (ط): المقانب.
4 - في نسخة (ع): رواه.
5 - في نسخة (ع): رواه.
6 - انظر: الفتوح لابن أعثم 5: 99، 113.
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»