مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٣٨٠
الفصل السادس في شجاعته وشرف نفسه (عليه السلام) إعلم وفقك الله على حقائق المعاني ووفقك لإدراكها أن الشجاعة من المعاني القائمة بالنفوس، والصفات المضافة إليها فهي تدرك بالبصيرة لا بالبصر ولا يمكن معرفتها بالحس مشاهدة لذاتها، إذ ليست أجساما كثيفة بل طريق معرفتها والعلم بها بمشاهدة آثارها، فمن أراد أن يعلم أن زيدا موصوف بالشجاعة، فطريقه أن ينظر إلى ما يصدر منه إذا أحدقت الرجال (وصدقت الآجال، وحقت الأوجال) (1) وتضايق المجال، وحاق القتال، فإن كان مجزاعا مهلاعا مزواعا مفزاعا فتراه يستركب الهزيمة ويستبقها، ويستصوب الدنية ويتطوقها، ويستعذب المفرة ويتفوقها، ويستصحب الذلة ويتعلقها، مبادرا إلى تدرع عار الفرار من شبا الشفار، مشيحا عن الفخار باقتحام الأخطار في مقر القراع لكل خطار، فذلك مهبول الأم، مخبول الفهم، مفلول الجمع، معزول عن السمع، ضرب بينه وبين الشجاعة بحجاب مكتوب بينه وبين الشهامة بابراء في كتاب، لا تعرف نفسه سرفا، ولا تجد عن الخساسة والدناءة منصرفا.
وإن كان محزرا (2)، مجزارا، كرارا، صبارا، يسمع من أصوات وقع الصوارم

1 - في نسخة (ع): واحفت الآجال، وما أثبتناه من نسخة (ط).
2 - في نسخة (ط) وكشف الغمة: مجسارا.
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»