فقال: (أنا ابنه).
فقلت: أنت ابن من ومن ومن، وجعلت أشتمه وأنال منه (ومن أبيه وهو ساكت، حتى استحييت منه) (1) فلما انقضى كلامي ضحك وقال: (أحسبك غريبا شاميا).
فقلت: أجل.
فقال: (فمل معي، إن احتجت إلى منزل أنزلناك وإلى مال أرفدناك وإلى حاجة عاوناك).
فاستحييت والله منه وعجبت من كرم خلقه فانصرفت وقد صرت أحبه ما لا أحب غيره (2).
زيادة إيراد وحسن اعتقاد منار مبرات الأجواد، وآثار مقامات الأمجاد، يتفاوت مقدارها بين العباد بحسب إحضار (3) أقدارها في الإعتقاد، وقد جاد الحسن (عليه السلام) بما لم تجد بمثله نفس جواد، وتكرم بما يبخل به كل ذي كرم وإرفاد، فإنه لا رتبة أعظم من الخلافة وأعلا من مقامها، ولا حكم لملك في الملة الإسلامية إلا وهو مستفاد من أحكامها، ولا ذو أيالة وولاية إلا منقاد ببرة زمامها، وأوقف في (4) قضايا تصرفاته بين نقضها وإبرامها، فهي المتصف (5) الأعلى والمنتصب لها صاحب الدنيا والأمر والنهى، متصل بأسبابه والجاه والمال محصل من أبوابه، والنباهة والشهرة تستفاد