" والله الذي لا إله إلا هو إني رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة.. فأيكم يؤازرني على هذا الامر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم فأحجم القوم عنها جميعا وقلت واني لأحدثهم سنا، وأرمصهم عينا.. انا يا نبي الله.. فاخذ برقبتي ثم قال: ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم " (1).
كان النبي الأعظم واقفا على خطورة الموقف وعظم مقام القيادة فكان يعرف زعيم الأمة والقائم بعده بأعباء الخلافة حينا " بعد حين، بأساليب مختلفة فتارة يشبهه بهارون (2) وأخرى بأنه وأولاده أحد الثقلين (3) وثالثة بأنهم كسفينة نوح (4) إلى غير ذلك من نصوصه المباركة حول امام المتقين وأولاده المعصومين.
كل ذلك يعرب عن أن النبي لم يترك مسألة الوصاية سدى ولم يفوضه إلى شورى الأمة ومفاوضاتها أو منافساتها أو إلى بيعة رجل أو رجلين أو بيعة عدة من المهاجرين والأنصار بل عالج مسألة الخلافة في حياته بأحسن الوجوه والأساليب وعرف الأمة زعيمها وقائدها من بعده في أخريات أيامه الشريفة في محتشد عظيم لم يكن له نظير في تاريخ الرسالة حتى ينقله الحاضرون - عند وصولهم إلى أوطانهم - إلى الغائبين وينتشر خبر الولاية بين الأمة جمعاء حتى لا يبقى لمريب ريب.
الأمة الاسلامية والخطر الثلاثي:
هذا ما قادتنا إليه دراسة النصوص النبوية التي رواها الحفاظ من الأمة ولك أن تستشف الحقيقة من طريق آخر وهو تحليل ومحاسبة الأوضاع السائدة على الأمة قبيل وفاة النبي الأكرم فإنها تقضى بأن المصلحة العامة كانت في تنصيب القائد لا في تفويض امر الزعامة إلى الأمة أو تركه سدى وعدم النبس فيه بكلمة.
إن الدولة الاسلامية الفتية يوم ذاك كانت محاصرة من جهتي الشمال والغرب