تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٢٣٦
(مسألة): فإن قيل فالحدود التي تجب على الجناة في حال الغيبة كيف حكمها؟ وهل تسقط عن أهلها؟ وهذا ان قلتموه صرحتم بنسخ شريعة الرسول صلى الله عليه وآله وان أثبتموه فمن الذي يقيمها والإمام (ع) غائب مستتر؟
(الجواب): قلنا: أما الحدود المستحقة بالاعمال القبيحة فواجبة في جنوب مرتكبي القبائح، فإن تعذر على الامام في حال الغيبة إقامتها فالاثم فيما تعذر من ذلك على من سبب الغيبة وأوجبها بفعله، وليس هذا نسخا للشريعة، ولان المتقرر بالشرع وجوب إقامة الحد مع التمكن وارتفاع الموانع، وسقوط فرض إقامته مع الموانع وارتفاع التمكن لا يكون نسخا للشرع المتقرر، لان الشرط في الوجوب لم يحصل. وإنما يكون ذلك نسخا لو سقط فرض إقامة الحدود عن الامام مع تمكنه، على أن هذا يلزم مخالفينا في الإمامة إذا قيل لهم كيف الحكم في الحدود التي تستحق في الأحوال التي لا يتمكن فيها أهل الحل والعقد من نصب إمام واختياره؟ وهل تبطل الحدود أو تستحق مع تعذر إقامتها؟ وهل يقتضي هذا التعذر نسخ الشريعة فأي شئ اعتصموا به من ذلك فهو جوابنا بعينه.
حاجة الناس للامام:
(مسألة): فإن قيل فالحق مع غيبة الامام كيف يدرك وهذا يقتضي أن يكون الناس في حيرة مع الغيبة؟ فان قلتم أنه يدرك من جهة الأدلة المنصوبة إليه قيل لكم هذا يقتضي الاغتناء عن الامام بهذه الأدلة.
(الجواب): قلنا: أما العلة المحوجة إلى الامام في كل عصر وعلى كل حال، فهي كونه لطفا فيما أوجب علينا فعله من العقليات من الانصاف والعدل اجتناب الظلم والبغي، لان ما عدا هذه العلة من الأمور المستندة إلى السمع والعبادة به جايز ارتفاعها لجواز خلق المكلفين من العبادات الشرعية كلها، وما يجوز على حال ارتفاعه لا يجوز أن يكون علته في أمر
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 » »»
الفهرست