تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٢٣٥
والى أن يكون الاستتار من مصلحته قادر على أن يزيل خوفه، فيظهر ويبرز ويصل كل مكلف إلى مصلحته، والتمكن مما يسهل سبيل المصلحة تمكن من المصلحة فمن هذا الوجه لم يزل التكليف الذي (به) الامام لطف فيه عن المكلفين بالغيبة منه والاستتار، على أن هذا يلزم في النبي صلى الله عليه وآله لما استتر في الغار وغاب عن قومه بحيث لا يعرفونه، لأنا نعلم أن المصلحة بظهوره وبيانه كانت ثابتة غير متغيرة. ومع هذه الحال فإن المصلحة له في الاستتار والغيبة عند الخوف، ولا جواب عن ذلك. وبيان أنه لا تنافي فيه ولا تناقض إلا بمثل ما اعتمدناه بعينه.
في الوجه في غيبته عن أوليائه وأعدائه:
(مسألة): فإن قيل: فإذا كان الإمام (ع) غائبا بحيث لا يصل إليه أحد من الخلق ولا ينتفع به، فما الفرق بين وجوده وعدمه؟ وإذا جاز ان يكون إخافة الظالمين سببا لغيبته بحيث لا يصل إلى مصلحتنا به حتى إذا زالت الإخافة ظهر، فلم لا جاز أن يكون اخافتهم له سببا لان يعدمه الله تعالى، فإذا انقادوا وأذعنوا أوجده الله لهم؟
(الجواب): قلنا: أول ما نقول إنا غير قاطعين على أن الإمام (ع) لا يصل إليه أحد ولا يلقاه بشر، فهذا أمر غير معلوم ولا سبيل إلى القطع عليه، ثم الفرق بين وجوده غائبا عن أعدائه للتقية وهو في خلال ذلك منتظر أن يمكنوه فيظهر ويتصرف، وبين عدمه واح لا خفاء به. وهو الفرق بين أن تكون الحجة فيما فات من مصالح العباد لازمة لله تعالى، وبين أن تكون لازمة للبشر، لأنه إذا اخيف فغيب شخصه عنهم كان ما يفهوتهم من مصلحة عقيب فعل سببوه وإلجائه إليه، فكانت العهدة فيه عليهم والذم لازما لهم وإذا أعدمه الله تعالى، ومعلوم أن العدم لا يسببه الظالمون بفعلهم، وانما يفعله الله تعالى اختيارا، كان ما يفوت بالاعدام من المصالح لازما له تعالى ومنسوبا إليه.
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 » »»
الفهرست