سيرة ابن إسحاق - محمد بن إسحاق بن يسار - ج ١ - الصفحة ٤٠
ليلة كالحة نجومها كأنما تكلمهم كلاما لاقترابها منهم وأحست أنفسهم بالعذاب وخرج دليلهم حتى دخل الحرم وتركهم وقام الأشعريون وخثعم فكسروا رماحهم وسيوفهم وبرئوا إلى الله تعالى ان يعينوا على هدم البيت فباتوا كذلك بأخبث ليلة ثم أدلجوا بسحر فبعثوا فيلهم يريدوا أن يصبحوا مكة فوجهوه إلى مكة فربض فضربوه فتمرغ فلم يزالوا كذلك حتى كادوا يصبحون ثم إنهم أقبلوا على الفيل فقالوا لك الله ألا نوجهك إلى مكة فجعلوا يقسمون له ويحرك أذنيه يأخذ عليهم حتى إذا أكثروا من القسم انبعث فوجهوه إلى اليمن راجعا فوجه يهرول فعطفوه حين رأوه منطلقا حتى إذا ردوه إلى مكانه الأول ربض وتمرغ فلما رأوا ذلك أقسموا له وجعل يحرك أذنيه يأخذ عليهم حتى إذا أكثروا انبعث فوجهوه إلى اليمن فوجه يهرول فلما رأوا ذلك ردوه فرجع معهم حتى إذا كان في مكانه الأول ربض فضربوه فتمرغ فلم يزالوا كذلك فعالجوه حتى كان مع طلوع الشمس طلعت عليهم الطير معها وطلعت عليهم طير من البحر أمثال اليحاميم سود فجعلت ترميهم وكل طائر في منقاره حجر وفي رجليه حجران فإذا رمت بتلك مضت وطلعت أخرى فلا يقع حجرة من حجارتهم تلك على بطن الا خرقته ولا عظم الا أوهاه ونقبه وسار أبو يكسوم راجعا قد أصابته بعض الحجارة فجعل كلما قدم أرضا انقطع منه فيها أرب حتى إذا انتهى إلى اليمن ولم يبق منه شيئا الا باده فلما قدمها انصدع صدره وانشق بطنه فهلك ولم يصب من الأشعريين وخثعم أحد ولما فزعوا إلى دليلهم ذلك يسئلون عنه فجعلوا يقولون يا نفيل يا نفيل وقد دخل نفيل الحرم ففي ذلك يقول نفيل
(٤٠)
مفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»