سيرة ابن إسحاق - محمد بن إسحاق بن يسار - ج ١ - الصفحة ٣٩
في رؤوس الجبال وقالوا لا طاقة لنا بقتال هؤلاء القوم فلم يبق بمكة أحدا الا عبد المطلب بن هاشم أقام على سقايته وغير شيبة ابن عثمان بن عبد الدار أقام على حجابة البيت فجعل عبد المطلب يأخذ بعضادتي الباب ثم يقول (لاهم ان المرء يمنع * رحله فامنع حلالك) (لا يغلبوا بصليبهم * ومحالهم غدوا محالك) (ان يدخلوا البلد الحرام * غدا فأمر ما بدا لك) يقول أي شيء ما بدا لك لم تكن تفعله بنا ثم إن مقدمات أبرهة أصابت نعما لقريش فأصابت فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم فلما بلغه ذلك خرج حتى انتهى إلى القوم وكان حاجب أبرهة رجلا من الأشعريين وكانت له بعبد المطلب معرفة قبل ذلك فلما انتهى اليه عبد المطلب قال له الأشعري ما حاجتك فقال حاجتي أن تستأذن لي على الملك فدخل عليه حاجبه فقال له أيها الملك جاءك سيد قريش الذي يطعم أنيسها في السهل ووحوشها في الجبل فقال ائذن له وكان عبد المطلب رجلا جسيما جميلا فأذن له فدخل عليه فلما أن رآه أبو يكسوم أعظمه أن يجلسه تحته وكره ان يجلسه معه على سريره فنزل من سريره فجلس على الأرض وأجلس عبد المطلب معه ثم قال ما حاجتك فقال حاجتي مائتا بعير أصابتها مقدمتك لي فقال أبو يكسوم والله لقد رأيتك فأعجبتني ثم تكلمت فزهدت فيك فقال له ولم أيها الملك قال لأني جئت إلى بيت هو منعتكم من العرب وفضلكم في الناس وشرفكم عليهم ودينكم الذي تعبدون فجئته لأكسره وأصيبت لك مائتا بعير فسألتك عن حاجتك فكلمتني في إبلك ولم تطلب إلي في بيتكم فقال له عبد المطلب أيها الملك انما أكلمك في مالي ولهذا البيت رب هو يمنعه لست أنا منه في شيء فراع ذلك أبا يكسوم وأمر برد إبل عبد المطلب عليه ورجع عبد المطلب وأمسوا في ليلتهم تلك فأمست
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»