رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ٢٦٩
ونظرا لأهمية هذه المرحلة وخطورتها، والغموض الذي يحيط بها عند الكثير من الناس، وتشكيك الغالبية منهم فيها، ولأهميتها في اثبات وجود الإمام الحجة (عج) شخصيا، و أنه هو الامام المفترض الطاعة، وأنه هو محمد بن الحسن العسكري (ع)، فلنعرف بالسفراء الأربعة، الذين كان يتصل بهم الامام المهدى (عج) وتصل بواسطتهم الأوامر والتوجيهات والوصايا إلى أتباعه وشيعته الذين كانوا يعيشون مرحلة السرية والكتمان، ويعانون الاضطهاد والإرهاب السلطوي الدموي من قبل حكام بنى العباس، فلقد كانت هذه المرحلة من أشد مراحل الفوضى والاضطراب السياسي، والقهر والملاحقة والسجون والقتل لاتباع أهل البيت (ع).
فقد ورث الإمام العسكري (ع) عن أبيه الهادي (ع) جهازا من الوكلاء والقيمين والممثلين في كل الأمصار الاسلامية، فقد كانوا يثكلون الركائز الأساسية لبنية هيكل الأتباع والأنصار والمتعاطفين وورث كذلك من أبيه (ع) الإدارة الفكرية والعقائدية والسياسية، وقد عمل الإمام العسكري بكل جهده على تثبيت وترسيخ ذلك كله وتنميته، ليسلمه إلى ولده محمد المهدى (عج)، فاستمر الامام المهدى (عج) على نفس النهج السرى وإدارة جهاز من الأتباع والوكلاء المتكتمين على عملهم ودعوتهم الفكرية والعقائدية والفقهية، القائمة على أساس الأصالة الاسلامية، لذا فقد عين السفراء الذين يتصل بهم، تعيينا سريا، وليشكلوا حلقة الاتصال بينه وبين أتباعه، لئلا يكشف وجوده للحكام الذين كانوا يبحثون عنه، ويسعون للقضاء عليه بكل وسيلة خسيسة ووصفت بعض النصوص الدالة على الغيبة، صعوبة تلك الفترة كما بينا، وقلة المؤمنين فيها، كما في حديث الرسول الأكرم (ص)، قال: ليغيبن القائم من ولدى بعهد معهود إليه منى، حتى يقول أكثر الناس ما لله في آل محمد حاجة، ويشك آخرون في ولادته... (1). وفي حديث آخر عن رسول الله (ص) قال فيه: تكون له غيبة وحيرة تضل فيه الأمم (2) وفي حديث عن علي بن أبي طالب (ع) يصف فيه حالة الشيعة وصفا دقيقا يثير فيها الألم والأسى في نفوس المؤمنين، قال (ع): للقائم منا غيبة أحدها طويل، كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته، يطلبون المرعى، فلا يجدونه، ألا فمن ثبت منهم على دينه، ولم يغش قلبه لطول غيبة امامه، فهو معي في درجتي يوم القيامة (3).
ترجمة ملخصة عن السفراء الأربعة (رض).
السفير الأول:.
1 - عثمان بن سعيد العمرى، يكنى أبا عمرو السمان، ويقال له الزيات الأسدي، وهو جليل القدر، ثقة له منزلة عظيمة عند الطائفة، حظي برضى الأئمة وتوثيقهم له عند توكيله من قبلهم (ع) والسمان: قيل إنه كان يتجر بالسمن تغطية على الامر، وكان

١ - راجع كمال الدين ج ١ ص ٣٠٢، البحار ج ٥١ ص ٦٨.
٢ - كفاية الأثر ص ٦٦ ط جديده.
3 - كمال الدين ج ص 303.
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»