المنزلتين: الكفر والايمان وبينما أرجأ المرجئة الحكم فيه وقالوا: إن الايمان يحبط عقاب الفاسق وإن الله لا يعذب موحدا والكفر هو الجهل بالله فقط وما عداه من كبائر أو صغائر ليس من الكفر في شئ نرى الخوارج وصفوا مرتكب الكبيرة بأنه كافر مخلد في النار. ولهذا عدوا مخالفيهم (مرتدين) وحكم (المرتد) عن الاسلام القتل ومن هنا جاءوا بمبدأ قاس غريب هو مبدأ (الاستعراض): أي الاغتيال الديني إذ يستحلون قتل مخالفيهم من المسلمين.
أما الشيعة فيمثلون ما يمكن تسميته نظرية الوراثة في الملك ويقصرون بيت الملك على آل علي. والدوافع إلى هذا النزعة عديدة. أولها وأوضحها فكرة الدم الدم الملكي الذي يجري في الأصلاب ويعطي بنفسه الحق في الملك. وثانيها: فكرة الخضوع لسلطان يستمد حقه في السلطان من غير طريق الجهد الانساني لان الجهد الانساني معرض للمشاحنة ومدعاة للتنافس والتحاسد والتباغض. فحسما لأسباب التدافع والتناحر لوصول إلى مرتبة السلطان يوكل الامر إلى مبدأ غير إنساني يفرض احترامه والخضوع له على الجميع على السواء وفي هذا إراحة الناس من عناء التناحر على المناصب العليا! والناس مهما حرصوا على الكفاح لابد تواقون إلى الراحة والدعة. وفي ظل مبدأ الوراثة في الملك سيريحون أنفسهم من مشقة الطموح إلى السلطان.
وحتى يؤدي هذا الوريث الوظيفة المرادة له كان يجب أن يبالغ في صبغه بصبغة اللامعقول كلما واتت الأحوال أو دعا الشك إلى التقليل منه أو لمواجهة دعاوي الخصوم. ومن هنا نفهم ظهور مذاهب الغلاة الشيعة الذين ألهوا عليا وقالوا بعصمة الامام وبأن كل شئ بالتعليم لا بالتحصيل العقلي وهذا التعليم مصدره الامام المعصوم وحده ومن هنا اقترن به السحر والتنجيم والطلسمات والخوارق ولابد لهم أيضا من أجل ذلك أن ينتحل زعماؤهم صفات النبوة والرسالة بل وأحيانا الألوهية ومن أجل تفسير ذلك يقولون مثلا إن روح القدس هي الله صارت في النبي ثم في علي ثم في الحسن ثم في الحسين ثم في علي بن الحسين ثم في محمد بن علي ثم في جعفر بن محمد بن علي ثم في موسى بن جعفر ثم في علي بن موسى بن جعفر ثم في محمد بن علي بن موسى ثم في علي ابن محمد بن علي بن موسى ثم في الحسن بن علي بن محمد بن علي بن