أدت إلى سوء أحوال المسلمين، ثم وضع خريطة للمستقبل، بعد الوقوف على أسباب النكسة التي اصابتنا، وتقوية الشعور القومي لدى المسلمين (في شبه القارة الهندية)، ليربط بين مختلف أنشطتهم، فيجعلها مجموعة معنوية متكاملة، وحثهم على مواصلة الجهد لتكون منهم أمة قوية جامعة في العالم.
وبكلمة أخرى، نحن نصبو إلى بعث الأحلام التي رآها أسلافنا خلال كفاحهم وتحقيقها، لاعلاء شان الأمة المسلمة، وهي الأحلام التي لم تتحقق، لسبب أو لآخر.
وهذه هي المهمة الفكرية التي تضطلع بها صحيفتنا (الجمعيت الأسبوعية)، ويمكننا ان نقول بحق: ان هذه المهمة قد أصبحت أكبر ميزة خاصة لجريدتنا في المجال الصحفي، في هذا العصر، على حين أصبحت الصحافة الاسلامية علما على الرثاء، بل إن آخر ما تستطيعه هذه الصحافة هو مجرد التعليقات السياسية على الاحداث العامة، وتقديم بعض المعلومات الطريفة التي يتشوق إليها العامة من القراء. ففي هذا المناخ الصحفي تعتبر (الجمعيت الأسبوعية) الصحيفة الوحيدة التي تعمل على احياء وتقوية الشعور القومي لدى المسلمين، باحثة عن مواطن الخطأ في كفاحهم الحضاري، ونحن لا نجد كلمات نشكر الله بها، على أنه - سبحانه اختارنا بمشيئته لسد هذا الفراغ.
فالرجل كما نرى صاحب دعوة، يريد ابلاغها إلى ضمير الأمة المسلمة بلاغا يحركها نحو أهدافها، ويوحدها امام الاخطار، وهي دعوة ذات شقين، أحدهما يستنفد العمر كله، ولكنه يعمل لتحقيق كليهما بوسائله المتاحة: ان يكتب كتبا، وان يسخر مجلة أسبوعية.
والواقع ان كتابه هذا يعتبر تحقيقا لحلم طالما راود كتاب العقيدة والمدافعين عنها، فقد كانت محاولات السابقين للبرهنة على وجود الله، واثبات الرسالة، وما يتصل بهما من حقائق ميتافيزيقية قد وقفت عند جهود علماء الكلام، باستخدام الأقيسة المنطقية، التي بليت لطول ما لاكتها الألسن، وأصبح مجرد التحدث بها داعية إلى الملل منها، بل إن لغتها لم تعد مفهومة لشباب الاسلام، الذي يعيش في هذا العصر ظروفا تتغير من يوم لآخر، وتطالعه ثقافات ذات جدلية ماهرة، ومناهج علمية تجريبية، لم يعد العقل يقنع بدونها.
لقد أصبح كل شئ موضع شك. وبذلك سقطت القضايا القائمة على المسلمات المنطقية، لأنه لا شئ في العقل الحديث بمسلم منطقيا، الا وله نقيض منطقي يمكن ان يحتمله العقل.
اما التجربة فهي الدليل الذي لا يدفع على قضيتها، وما ينتج عن التجربة ليس مسلما منطقيا، ولكنه حقيقة نسبية موضوعية، وهذا شان العلم. ومن هنا كان لا بد من تغيير المناهج الكلامية، لاشباع رغبات متجددة في اليقين، تريد أن تؤسس موقفها على ارض من المعرفة الجديدة التي اخترقت الآفاق، وقاست ابعاد النجوم، وتغلغلت في اسرار المادة، حتى حطمتها واستخرجت منها طاقات لا حدود لها.