تقديم الطبعة الأولى بقلم الدكتور عبد الصبور شاهين ما أكثر ما يكتب عن الاسلام و المسلمين في مطبوعات هذا العصر في العربية، وغير العربية، وما أقل غناء أكثره.
قليل جدا من الكتابات الا سلامية هو الذي يعد اسهاما في معالجة مشكلات عالمنا الاسلامي، اسهاما جادا مخلصا من أجل عودته، وتقدمه.
وكثير جدا ما نقرؤه من تلك الكتابات التقريرية، أو الرثائية الوعظية، التي تخطها أقلام، ان كانت تتاجر بالدين، فلا غرابة، في عالم يقوم على المتاجرة حتى بالقيم، فاما إذا كانت معروفة بالعلم وبالذكاء، فذلك هو داعي الحسرة والاشفاق في أنفسنا على علمائنا الأذكياء.
أيمكن ان نتصور عالم الفكر الاسلامي مجرد أقاصيص تحكى للبهر، أو مقالات يجتهد أصحابها في تدبيج مقدماتها وسياقاتها، لننتهي بعد قراءتها إلى هز الرؤوس، ولوك عبارات الثناء والاعجاب؟
هذا على حين يتشاغل كتاب الفلسفات المادية برسم تطلعات العصر، وعلاج مشكلات التطبيق على مستوى عالمي، حتى ليحس المرء بعد مطالعة بحث من هذه البحوث بحاجته إلى أن ينزوي نفسيا في ركن من أركان الياس والقنوط، لأنه غائب تماما عن المعركة الحاضرة.
تلك محنة الوجدان والعقل المسلم، الذي ينشد لدى كتابه ومفكريه مستوى من المبادرة والجد والاخلاص، ولونا من الكتابة المباشرة التي تعيش عصرها وأفكاره وتطلعاته، فإذا هم لا يزيدون على مضغ حكايات الأولياء، واجترار بضعة خيالات محلقة في سماوات التيه، ومجابهة الواقع الصارخ الملح بما يميعه: في وعي الجماهير، ثم يسرح بها بعيدا، في احلام الماضي وتصوراته.