الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ١٧٨
ما كبر وتوسع نظره في الدراسة أعرض عن الدين التقليدي. وهو يكتب أحوال هذه الفترة في خطاب له إلى أحد أصدقائه، قال:
انني أدعو كل يوم، وأقضي اليوم كله داعيا أن تنكشف لي الحقيقة. لقد أصبح الدعاء هوايتي، منذ وجدت الشكوك طريقها إلى قلبي، انني لا أستطيع أن أقبل عقائدكم. ان قلبي يفيض بالدموع الغزار وأنا أكتب هذه السطور، قلبي يبكي، عيني تبكي، ولكنني أشعر أنني لست بطريد من رحمة الله، بل آمل أن أصل إلى هذا الذي أتمنى رؤيته بكل قلبي وروحي.
وأقسم بحياتي أن عشقي وبحثي هذا لمحة من روح القدس. ولن أقلع عن تفكيري هذا، ولو كذبه الإنجيل المقدس عشرة آلاف مرة!!.
لقد أقلقت غريزة البحث عن الحق روح أنجلز الشاب، ولكن الدين المسيحي التقليدي لم يمنحه السكينة التي كان ينشدها، فانقلب متمردا عليه، وانغمس في الفلسفات السياسية، والمادية الإلحادية.
* * * وجذور هذه الغريزة الانسانية هي احساس البشر بحاجتهم إلى الرب الخالق، ففكرة: الله خالقي وأنا عبده منقوشة في اللاشعور الانساني، وهي ميثاق سري مأخوذ على الانسان منذ يومه الأول، وهو يسري في كل خلية من خلايا جسمه، وعندما يفتقد انسان ما هذا الشعور يحس بفراغ عظيم، وتطالبه روحه من أعماقه أن يبحث عن الهه الذي لم يره قط، والذي لو وجده لخر راكعا على ركبتيه، ثم ينسى كل شئ.
وليس الاهتداء إلى معرفة الله غير الوصول إلى المنبع الحقيقي لهذه الفطرة الانسانية، والذين لا يهتدون إلى المعرفة يقبلون على أشياء أخرى. فان كل قلب يبحث عمن يهدي اليه خير أمانيه.
* * * وعندما رفرف العلم الوطني لأول مرة على الأبنية الحكومية في الهند بدلا من العلم البريطاني: اليونيان جاك، في صباح يوم 15 أغسطس عام؟ 1947 اغرورقت عيون كثيرة بالدموع، وهي ترى الصورة التي طالما حلمت بها. وكانت هذه الدموع مظهرا لعلاقة أصحابها بالمعبودة: الحرية، التي ضحوا من أجل الحصول عليها بخير أيام حياتهم.
وهكذا عندما يذهب زعيم وطني إلى ضريح أبي الوطن ويضع عليه إكليل الزهور، ثم يقف أمامه لحظة مطأطئا رأسه، فهو حينئذ يباشر نفس العمل الذي يقوم به المؤمن أمام معبوده، حين يركع ويسجد.
وحين يمر شيوعي أمام تمثال لينين ويرفع قبعته عن رأسه، ويبطىء في سيره، يكون
(١٧٨)
مفاتيح البحث: الهند (1)، السجود (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»