الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ١٤٣
قانونها الا منذ بضع عشرات من السنين. فقد أكدت المشاهدات والتجارب أن هناك قانونا ضابطا للأشياء السائلة، يسمى قانون المط السطحي Surface Tension، وهو يفصل بين السائلين، لأن تجاذب الجزئيات يختلف من سائل لآخر، ولذا يحتفظ كل سائل باستقلاله في مجاله. وقد استفاد العلم الحديث كثيرا من هذا القانون، الذي عبر عنه القرآن الكريم بقوله سبحانه: (بينهما برزخ لا يبغيان). وملاحظة هذا البرزخ لم تخف عن أعين القدماء، كما لم تتعارض مع المشاهدة الحديثة، ونستطيع، بكل ثقة، أن نقول: ان المراد من البرزخ انما هو المط أو التمدد السطحي، الذي يوجد في الماءين، والذي يفصل أحدهما عن الآخر.
ويمكن فهم هذا المط السطحي بمثال بسيط، وهو: أنك لو ملأت كوبا بالماء، فإنه لن يفيض الا إذا ارتفع عن سطح الكوب قدرا معينا.. والسبب في ذلك أن جزئيات السوائل عندما لا تجد شيئا تتصل به فوق سطح الكوب، تتحول إلى ما هو تحتها، وعندئذ توجد غشاوة مرنة Elastic Film على سطح الماء، وهذه الغشاوة هي التي تمنع الماء من الخروج عن الكوب لمسافة معينة، وهي غشاوة قوية لدرجة أنك لو وضعت عليها إبرة من حديد فإنها لن تغوص! وهذه الظاهرة هي ما يسمى بالمط السطحي، الذي يحول دون اختلاط الماء والزيت، والذي يفصل بين الماء العذب والملح.
* * * (ب) وجاءت في القرآن بيانات مماثلة، وعلى سبيل المثال:
(الله الذي رفع السماوات، بغير عمد ترونها) وهذه الآية مطابقة لما كان يراه الرجل القديم، فإنه كان يشاهد عالما كبيرا قائما بذاته في الفضاء، مكونا من الشمس والقمر والنجوم، ولكنه لم ير لها أية ساريات أو أعمدة، والرجل الجديد يجد في هذه الآية تفسيرا لمشاهدته، التي تثبت أن الأجرام السماوية قائمة دون عمد في الفضاء اللا نهائي، بيد أن هنالك عمدا غير مرئية، تتمثل في قانون الجاذبية Gravitation Pull، وهي التي تساعد كل هذه الأجرام على البقاء في أمكنتها المحددة.
(ج) وقد قال القرآن عن الشمس والنجوم:
وكل في فلك يسبحون وكان الانسان في العصر الغابر يشاهد أن النجوم تتحرك تبتعد عن أمكنتها بعد وقت

(1) الرعد / 2.
(2) يس / 40.
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»