الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ١٤١
ان المحور الحقيقي لرسالة القرآن هو السعادة الأخروية، فهو بذلك لا يدخل في دائرة أي من علومنا وفنوننا الحديثة. ولكن حيث إنه يخاطب الانسان في حقيقة الأمر، فهو يمس كل ما هو متعلق بالإنسان، وهي مسألة دقيقة، وموقف جد خطير.. لأن المرء حين يكون جاهلا، أو ناقص المعلومات حول مشكلة ما، ثم يتجرأ ليتكلم عن تلك المشكلة؟ ولو اجمالا؟ فلا بد أن يكبو في حديثه، وذلك حين يستخدم كلمات أو عبارات لا علاقة لها بالواقع والحقائق!.
وعلى سبيل المثال: قال أرسطو استدلالا على أسبقية الرجل على المرأة: ان فم المرأة يحوي أسنانا أقل عددا من أسنان الرجل!! ومن المعروف أن هذا الكلام لا علاقة له بعلم الأجسام، بل هو يدل على أن صاحبه جاهل بهذا العلم، فان عدد الأسنان سواء لدى الرجل والمرأة. ولكن من المدهش حقا أن القرآن؟ حتى فيما يمس أكثر العلوم الحديثة من ناحية أو أخرى؟ لا يحتوي كلمة ما أثبت العلم فيما بعد، أنها من صنع رجل جاهل بذلك الموضوع، وهذا يوضح صراحة أنه كلام موجود فوق الطبيعة، وهو على معرفة تامة بكل شئ على حين لم يكن أحد يعلم شيئا، وهو يعلم أيضا كل ما يجهله البشر في هذا العصر، مع تقدم العلوم..
وسوف أورد هنا بعض الأمثلة التي تدل صراحة على أن القرآن الكريم يحيط بالحقائق التي لم تعرف الا في عصرنا هذا، وان كانت احاطته هذه ضمن إشارات غير مقصودة لذاتها.
ويجب ان أقول، تمهيدا لهذا البحث: ان مطابقة كلمات القرآن وألفاظه للكشوف الحديثة مبنية على أن العلم الحديث قد استطاع الكشف عن أسرار الواقعة موضوع البحث، فتوفرت لدينا مواد نافعة لتفسير الإشارات القرآنية في ذلك الموضوع. ولو أن دراسة المستقبل في موضوع ما تبطل واقعة من وقائع العلم الحديث كليا أو جزئيا فليس هذا بضائر مطلقا صدق القرآن، بل معناه أن المفسر أخطأ في محاولته لتفسير إشارة مجملة في القرآن، وانني لعلى يقين راسخ بان الكشوف المقبلة سوف تكون أكثر ايضاحا لإشارات القرآن، وأكثر بيانا لمعانيه الكامنة.
* * * تقسيم لآيات القرآن ونستطيع أن نقسم الآيات القرآنية المتعلقة بهذا الجانب إلى نوعين:
الأول: ما عرف عنه الانسان؟ حتى ذلك العصر؟ أمورا جانبية وسطحية.
والثاني: ما لم يعرف عنه ذلك الانسان شيئا، مطلقا.
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»