الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ١٣٠
وقال أيضا:
(يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون. هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون (1).
ولم تمض على هذه البشرى أيام طويلة، حتى وجد المسلمون الجزيرة العربية كلها تحت أقدامهم، فقد انتصرت أقلية ضئيلة لا تملك الخيول ولا الأسلحة، على أعداء يملكون الجيوش الكبيرة، والعدة، والعتاد.
وليس بوسعنا تفسير هذه التنبؤات في ضوء المصطلحات المادية، إلا أن نسلم بأن صاحب هذا الاخبار بالغيب لم يأت به من عند نفسه، وانما كان خليفة عن الله، فلو أنه كان انسانا عاديا لاستحال كل الاستحالة أن تصنع كلماته أقدار التاريخ. وكما قال البروفسور (ستوبارت) انه لا يوجد مثال واحد في التاريخ الانساني بأكمله يقارب شخصية محمد..
وهو يضيف قائلا:
ألا.. ما أقل ما امتلكه من الوسائل المادية، وما أعظم ما جاء به من البطولات النادرة، ولو أننا درسنا التاريخ من هذه الناحية، فلن نجد فيه اسما منيرا هذا النور، وواضحا هذا الوضوح، غير اسم النبي العربي (2).
ان هذا الأمر هو أعظم دليل على كونه صلى الله عليه وسلم مرسلا من لدن الحق تبارك وتعالى. وقد اعترف السير وليام ميور، ذلك العدو اللدود للاسلام، بهذا الأمر بطريقة غير مباشرة، حين قال:
لقد دفن محمد مؤامرات أعدائه في التراث، وكان يثق بانتصاره ليل نهار، مع حفنة من الأنصار والأعوان، رغم أنه كان مكشوفا عسكريا من كل ناحية، وبعبارة أخرى: كان يعيش في عرين الأسد، ولكنه أظهر عزيمة جبارة، لا نجد لها نظيرا غير ما ذكر في الإنجيل، من أن نبيا قال لله تعالى: لم يبق من قومي الا أنا (3)!.
* * * (ب) أما النبوءة الثانية التي وردت في القرآن، فهي الاخبار بغلبة الروم على الفرس.
وقد جاء في أول سورة الروم قوله تعالى:

(١) الصف / ٨ و ٩.
(٢) Islam & Its Founder, p. ٢٢٨.
(٣) Life of Mohammad, p. ٢٢٨ وربما يذكرنا هذا الاقتباس بقول القرآن حكاية على لسان موسى عليه السلام: (رب اني لا أملك الا نفسي وأخي؟ المائدة / 25 (المراجع).
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 135 136 ... » »»