وهكذا لا يزال تحدي القرآن الكريم قائما ومستمرا على مر القرون والأجيال، وهي خاصة عظيمة ورائعة في صالح القرآن، تثبت، دون مرية، انه كلام من هو فوق الطبيعة. وأن انسان يتمتع بكفاءة التفكير والامعان، في حقيقة الأمر، يكفيه ذلك ليؤمن بهذا الكتاب.
ومما لاشك فيه أن العرب؟ وهم الذين لم يعرف لهم مثيل في التاريخ: في البلاغة والبيان، حتى أطلقوا على غيرهم اسم العجم لشدة اعتزازهم ببيانهم؟ قد اضطروا أن يركعوا أمام القرآن، معترفين بعجزهم عن الاتيان بمثله، فلزمتهم بذلك الحجة..
ومما جاء في كتب الحديث عن ابن عباس أن (ضمادا) قدم مكة. وكان من أزد شنوءة، وكان يرقى (1) من هذه الريح (الجنون ومس الجن). فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون: ان محمدا مجنون. فقال: لو أني رأيت هذا الرجل، لعل الله يشفيه على يدي. قال: فلقيه، فقال: يا محمد! اني أرقى من هذه الريح، وان الله يشفى على يدي من شاء، فهل لك؟ فقال رسول الله: ان الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله. أما بعد. قال:
فقال: أعد على كلماتك هؤلاء، فأعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، قال: فقال: لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بلغن ناعوس البحر (قعره الأقصى (2).
ان هناك عددا لا يحصى من الاعترافات التي أدلى بها أرباب الشعر والأدب والفكر، في شأن القرآن الكريم، سطرت في صفحات التاريخ القديم، كما أنها توجد بكثرة في تاريخ العصر الحاضر.