عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٩٠
ولبس التاج الكبير ومشت امامه الجاويشية والمقدمون وأرباب الخدم وازدحم بيته بأرباب الدعاوي والشكاوي وعمر دار سكنهم القديمة بكفر الطماعين وادخل فيها دورا وأنشأ تجاهها مسجدا لطيفا وجعل فيه منبرا وخطبة وعمر دارا ببركة جناق واسكنها احدى زوجاته وداخله الغرور وظن أن الوقت قد صفا له فأول ما بتدأه به الدهر من نكباته ان مات ولده احمد وكان قد ناهز البلوغ ولم يكن له من الأولاد الذكور غيره فوجد عليه وجدا شديدا حتى كان يتكلم بكلام نقمه الناس عليه وعمل ميتما ودفنه بمسجده تجاه بيته وعمل عليه مقاما ومقصورة مثل المقامات التي تقصد للزيارة وكان موته في منتصف سنة تسع وعشرين ووقعت حادثة قومه العسكر على الباشا في أواخر شهر شعبان من السنة المذكورة والمترجم إذ ذاك من أعيان الرؤوس يطلع وينزل في كل ليلة إلى القلعة ويشار اليه ويحل ويعقد في قضايا الناس ويسترسل معه الباشا كما تقدم ذكه ذلك و داخله الغرور الزائد ولقد تطاول على كبار الكتبة الأقباط وغيرهم ويراجع الباشا في مطالبه بعد انقضاء الفتنة إلى أن ضاق صدر الباشا منه وامر بإخراجه ونفيه إلى دسوق وذلك في سنة احدى وثلاثين فأقام بها اشهرا ثم توجه بشفاعة السيد المحروقي إلى المحلة الكبرى فلم يزل بها متقلق الحواس منحرف المزاج متكدر الطبع وكل قليل يراسل السيد المحروقي في أن يشفع فيه عند الباشا ليأذن له في الحج مرة يحتج بالمرض ليموت في داره فلم يؤذن له في شيء من ذلك ولم يزل بالمحلة حتى توفي في منتصف شهر ربيع الأول من السنة ودفن هناك وكان رحمه الله يميل إلى الرياسة طبعا وفيه حدة مزاج وهي التي كانت سببا لموته بأجله رحمه الله تعالى وإيانا و مات الصدر المعظم والدستور المكرم الوزير طاهر باشا ويقال انه ابن أخت محمد علي باشا وكان ناظرا على ديوان الكمرك ببولاق وعلى الخمامير ومصارفه من ذلك وشرع في عمارة داره التي بالأزبكية بجوار بيت الشراييبي
(٥٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 585 586 587 588 589 590 591 592 593 594 595 ... » »»