عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٩٣
اردب وما يتبعها من السمن وهذا خلاف مطابخ الأعيان وما يأتيهم من بيوتهم من تعابي الأطعمة وغيرها واستمر هذا الضرب والشنك إلى يوم الثلاثاء رابع المحرم وأهل البلد ملازمون للسهر والزينة على الحوانيت والدور ليلا ونهارا وتكرار المناداة عليهم في كل يوم وركب حضرة الباشا وتوجه إلى داره بالازبكية وهدمت الصواوين والخيام وبطل الرمي ودخلت العساكر والبينبات بمتاعهم وعازتهم أفواجا إلى المدينة وذهبوا إلى دورهم ورفع الناس الزينة وكان معظمها حيث مساكن الإفرنج والأرمن فإنهم تفننوا في عمل التصاوير والتماثيل واشكال السرج والفنيارات الزجاج والبلور واشكال النجف ومعظمها في جهات المسلمين بخان الخليلي والغورية والجمالية و ببعض الأماكن والخانات ملاهي وأغاني وسماعات وقيان وجنك رقاصات هذاو التهيؤ والاشغال و الاستعداد لعمل الدونانمة على بحر النيل ببولاق فصنعوا صورة قلعة بأبراج وقباب وزوايا وانصاف دوائر وخورنقات وطيقان للمدافع وطلوها وبيضوها ونقشوها بالألوان والأصباغ وصورة باب مالطة وكذلك صورة بستان على سفائن وفيه الطين ومغروس به الأشجار ومحيط به دار بزين مصبغ وبه دوالي العنب وأشجار الموز والفاكهة والنخيل والرياحين في قصارى الطيفة على حافاته وصورة عربة يجرها أفراس وبها تماثيل وصور جالسين وقائمين وتمثال مجلس وبه جنك رقاصات من تماثيل مصورة تتحرك بآلات ابتكار بعض المبتكرين لأن كل من تخيل بفكره شيئا ملعوبا أو تصويرا ذهب إلى الترسخانة حيث الأخشاب والصناع فيعمله على طرف الميري حتى يبرزه في الخارج ويأخذ على ابتكاره البقشيش وأكثرها لخصوص الحراقات والنفوط والبارود والسواريخ وغير ذلك وبعد انقضاء السبعة أيام المذكورة حصل السكون من يوم الثلاثاء المذكورة إلى يوم الأحد التالي له من الجمعة الأخرى مدة خمسة أيام في أثنائها اجتهد الناس من الأعيان وكل من له اسم من أكابر الناس وأهل الدائرة والافندية الكتبة حتى الفقهاء أرباب
(٥٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 588 589 590 591 592 593 594 595 596 597 598 ... » »»