عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٨٦
بناتهم ويختنون صبيانهم ويشيدون بنيانهم ويصلحون جسورهم وحبوسهم فإذا اخذ النيل في الزيادة شرعوا في زراعة الصيف الذي هو معظم قوتهم وكسبهم حتى إذا انحسر الماء وانكشفت الأراضي وآن أوان التحضير وزراعة الشتوي من البرسيم والغلة وجدوا ما يسدون به مال التجهية وما يرقعون به أحوالهم من بهائم الحرث ومحاريث وتقاوي واجر عمال ونحو ذلك فدهموا هذه السنة بهاتين الآفتين الأرضية والسماوية ورحل الكثير عن أهله ووطنه وكان ابتداء طلب هذه الزيادة قبل زيادة النيل ومجئ خبر النصرة فلما ورد خبر النصرة لم يرتفع ذلك و منها الاضطراب في المعاملة بالزيادة والنقص والمناداة عليها كل قليل والتنكيل والترك وبلغ صرف البندقي ثمانمائة وثمانين نصفا فضة والفرانسة أربعمائة نصف وعشرة والمحبوب أربعمائة وأربعين وهو المصري واما الاسلامبولي فيزيد أربعين والمجر ثمانمائة نصف واما هذه الانصاف وهي الفضة العددية فهي أسماء من غير مسميات لمنعها واحتكارها فلا يوجد منها في المعاملة بأيدي الناس الا النادر جدا ولا يوجد بالأيدي في محقرات الأشياء وغيرها الا المجزأ بالخمسة والعشرة والعشرين وتصرف من اليهود والصيارف بالفرط والنقص ومن حصل بيده شيء من الانصاف عض عليه بالنواجذ ولايسمح بإخراج شيء منها الا عند شدة الاضطرار اللازم ومنها ان السيد محمد المحروقي أنشأ ببركة الرطلي دار وبستانا في محل الأماكن التي تخربت في الحوادث وذلك أنه لما طرقت الفرنساوية الديار المصرية واختل النظام وجلا أكثر الناس عن أوطانهم وخصوصا سكان الأطراف فبقيت دور البركة خالية من السكان وكان بها عدة من الديار الجليلة منها دار حسن كتخدا الشعراوي وتابعه عمر جاويش وداره على سمته أيضا ودار علي كتخدا الخربطلي ودار قاضي البهار ودار سليمان آغا ودار الحموي وخلاف ذلك دور كانت جارية في وقف عثمان كتخدا القازدغلي وغيره وهذه الدور هي التي أدركناها بل وسكنا بها عدة سنين
(٥٨٦)
مفاتيح البحث: الزرع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 581 582 583 584 585 586 587 588 589 590 591 ... » »»