عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٥٣
شيئا من الشمع في داره أو في القوالب الزجاج وتتبعوا من يكون عنده شيء منها فأخذوها منه وحذروا من عمله خارج المعمل كل التحذير وسعروا رطله بأربعة وعشرين نصفا واستهل شهر جمادي الأولى سنة 1232 وفيه حول معمل الشمع إلى الحسينية عند الدرب الذي يعرف بالسبع والضبع و فيه ارتحلت عساكر مجردة إلى الحجاز و فيه برزت أوامر إلى كشاف النواحي باحصاء عدد اغنام البلاد والقرى ويفرض عليها كل عشرة شياه واحدة من أعظمها اما كبش أو نعجة بأولادها يجمعون ذلك ويرسلون به إلى مجمع اغنام الباشا وفرض أيضا على كل فدان رطلا من السمن يجمع الأرطال مشايخ البلاد من الفلاحين عند كشاف النواحي ويرسلونها إلى مصر وسبب هذه المحدثة انه لما عملت التسعيرة وتسعر رطل السمن بستة وعشرين نصفا ويبيعه السمان والزيات بزيادة نصفين امتنع وجوده وظهوره فيأتي به الفلاح ليلا في الخفية ويبيعه للزبون أو للمتسبب بما أحب ويبيعه المتسبب أيضا بالزيادة لمن يريده سرا فيبيعون الرطل بأربعين وخمسين ويزيد على ذلك غش المتسبب وخلطه بالدقيق والقرع والشحم وعكر اللبن فيصفو على النصف ولا يقدر مشتريه على رد غشه للبائع لأنه ما حصله الا بغاية المشقة والعزة والانكار والمنع وان فعل لا يجد من يعطيه ثانيا وتقف الطائفة من العسكر بالطرق ليلا وفي وقت الغفلات يرصدون الواردين من الفلاحين ويأخذونه منهم بالقهر ويعطونهم ثمنه بالسعر المرسوم ويحتكرونه هم أيضا ويبيعونه لمن يشتريه منهم بالزيادة الفاحشة فامتنع وروده الا في النادر خفية مع الغرر أو الخفارة والتحامي في بعض العساكر من أمثالهم واشتد الحال في انعدام السمن حتى على أكابر الدولة فعند ذلك ابتدع الباشا هذه البدعة وفرض على كل فدان من طين الزراعات رطلا من السمن ويعطى في ثمن الرطل عشرين
(٥٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 548 549 550 551 552 553 554 555 556 557 558 ... » »»