عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥١٩
تزدحم العسكر على الشراء ولا يتمكن خلافهم من أهل البلد من اخذ شئ وتخرج العسكر فيبيعون من الذي اشتروه على الناس بزيادة فاحشة فيأخذ الرطل بقرش ويبيعه على غيره بقرشين ورفع التشكي إلى كتخدا فامر ببيعه عند باب زويلة في السبلين المواجه أحدهما للباب والسبيل الذي انشأته الست نفيسة المرادية عند الخان تجاه الجامع المؤدي ليسهل على العامة تحصيله وشراؤه فلم يزداد الحال الا عسرا وذلك أن البائع يجلس داخل السبيل ويغلق عليه بابه ويتناول من خروق الشبابيك من المشتري الثمن ويناوله الصابون فازدحمت طوائف العساكر على الشراء ويتعلقون بأيديهم وأرجلهم على شبابيك السبيلين والعامة اسفلهم لايتمكنون من اخذ شئ ويمنعون من يزاحمهم فيكون على السبيلين ضجة وصياح من الفريقين فلا يسع ابن البلد الفقير المضطر الا ان يشترى من العسكري بما أحب والا رجع إلى منزله من غير شئ واستمر الحال على هذا المنوال أياما وفي بعض الاحاجيين يكثر من وجود الصابون بين أيدي الباعة بوسط السوق ولا تجد عليه مزاحمة وامام البائع كوم عظيم وهو ينتظر من يشتري وذلك في غالب الأسواق مثل الغورية والأشرفية وباب زويلة والبندقانيين والجهات الخارجة ثم يصبحون فلا يوجد منه شئ ويرجع الازدحام على السبيلين كالأول ومنها ان الباشا اطلق المناداة في البلدة وندب جماعة من المهندسين والمباشرين للكشف على الدور والمساكن فان وجدوا به أو ببعضه خلالا أمروا صاحبه بهدمه وتعميرة فإن كان يعجز عن ذلك فيؤمر بالخروج منها واخلائها ويعاد بناؤها على طرف الميري وتصير من حقوق الدولة وسبب هذه النكتة انه بلغ الباشا سقوط دار بعض الجهات ومات تحت ردمها ثلاثة اشخاص من سكانها فأمر بالمناداة وارسل المهندسين والامر بما ذكر فنزل بأهالي البلد من الكرب امر عظيم مع ما هم فيه من الافلاس وقطع الايراد وغلوا الأسعار على أن من كان له نوع مقدرة على الهدم والبناء
(٥١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 ... » »»