عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ٢٤٦
ومات الأستاذ شيخ الطريقة والحقيقة قدرة السالكين ومربي المريدين الامام المسلك السيد مصطفى بن كمال الدين المذكور في منظومة النسبة لسيدي عبد الغني النابلسي كما ذكره السيد الصديقي في شرحه الكبير على ورده السحري البكري الصديقي الخلوتي نشأ ببيت المقدس على أكرم الاخلاق وأكملها رباه شيخه الشيخ عبد اللطيف الحلبي وغذاه بلبان أهل المعرفة والتحقيق ففاق ذلك الفرع الأصل وظهرت به في أفق الوجود شمس الفضل فبرع فهما وعلما وابدع نثرا ونظما ورحل إلى جل الأقطار لبلوغ اجل الأوطار كما دأب على ذلك السلف لما فيه من اكتساب المعالي والشرف ولما ارتحل إلى إسلامبول لبس فيها ثياب الخمول ومكث فيها سنة لم يؤذن له بارتحال ولم يدر كيف الحال فلما كان آخر السنة قام ليلة فصلى على عادته من التهجد ثم جلس لقراءة الورد السحري فأحب أن تكون روحانية النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المجلس ثم روحانية خلفائه الأربعة والأئمة الأربعة والأقطاب الأربعة والملائكة الأربعة فبينما هو في أثنائه إذ دخل عليه رجل فشمر عن اذياله كأنه يتخطى أناسا في المجلس حتى انتهى إلى موضع فجلس فيه ثم لما ختم الورد قام ذلك الرجل فسلم عليه ثم قال ماذا صنعت يا مصطفى فقال له ما صنعت شيئا فقال له ألم ترني أتخطى الناس قال بلى انما وقع لي اني أحببت أن تكون روحانية من ذكرناهم حاضرة فقال له لم يتخلف أحد ممن أردت حضوره وما اتيتك الا بدعوة والآن أذن لك في الرحيل وحصل الفتح والمدد والرجل المذكور هو الولي الصوفي السيد محمد التافلاتي ومتى عبر السيد في كتبه بالوالد فهو السيد محمد المذكور وقد منحه علوما جمة ورحل أيضا إلى جبل لبنان والى البصرة وبغداد وما والاهما وحج مرات وتآليفه تقارب المائتين وأحزابه واوراده أكثر من ستين واجلها ورده السحري إذ هو باب الفتح وله عليه ثلاثة شروح أكبرها في مجلدين وقد شاد أركان هذه الطريقة واقام
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»