تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٣٣٧
ودفئها وطلب التلول في المصيف للحبوب وبرد الهواء وتكونت على ذلك طباعهم فلا بد لهم منها ظعنوا أو أقاموا وهو معنى العروبية وشعارها ان هاشما لما هلك وكان مهلكه بغزة من أرض الشأم تخلف عبد المطلب صغيرا بيثرب فأقام بأمره من بعده ابنه المطلب وكان ذا شرف وفضل وكانت قريش تسميه الفضل لسماحته وكان هاشم قدم يثرب فتزوج في بنى عدى وكانت قبله عند أحيجة بن الجلاح بن الحريش بن جحجبا بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك سيد الأوس لعهده فولدت عمرو بن أحيجة وكانت لشرفها تشترط أمرها بيدها في عقد النكاح فولدت عبد المطلب فسمته شيبة وتركه هاشم عندها حتى كان غلاما وهلك هاشم فخرج إليه أخوه المطلب فأسلمته إليه بعد تعسف واغتباط به فاحتمله ودخل مكة فردفه على بعيره فقالت قريش هذا عبد ابتاعه المطلب فسمى شيبة عبد المطلب من يومئذ ثم إن المطلب هلك بردمان من اليمن فقام بأمر بنى هاشم بعده عبد المطلب بن هاشم وأقام الرفادة والسقاية للحاج على أحسن ما كان قومه يقيمونه بمكة من قبله وكانت له وفادة على ملوك اليمن من حمير والحبشة وقد قدمنا خبره مع ابن ذي يزن ومع أبرهة (ولما أراد حفر زمزم) للرؤيا التي رآها اعترضته قريش دون ذلك ثم حالوا بينه وبين ما أراد منها فنذر لئن ولد له عشرة من الولد ثم يبلغوا معه حتى يمنعوه لينحرن أحدهم قربانا لله عند الكعبة فلما كملوا عشرة ضرب عليهم القداح عند هبل الصنم العظيم الذي كان في جوف الكعبة على البئر التي كانوا ينحرون فيها هدايا الكعبة فخرجت القداح على ابنه عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم وتحير في شأنه ومنعه قومه من ذلك وأشار بعضهم وهو المغيرة بن عبد الله بن مخزوم بسؤال العرافة التي كانت لهم بالمدينة على ذلك فألقوها بخيبر وسألوها فقالت قربوه وعشرا من الإبل وأجيلوا القداح فان خرجت على الإبل فذلك والا فزيدوا في الإبل حتى تخرج عليها القداح وانحروها حينئذ فهي الفدية عنه وقد رضى إلهكم ففعلوا وبلغت الإبل مائة فنحرها عبد المطلب وكانت من كرامات الله به وعليه قوله صلى الله عليه وسلم انا ابن الذبيحين يعنى عبد الله أباه وإسماعيل بن إبراهيم جده اللذين قربا للذبح ثم فديا بذبح الانعام ثم إن عبد المطلب زوج ابنه عبد الله بآمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة فدخل بها وحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثه عبد المطلب يمتار لهم تمرا فمات هنا لك فلما أبطأ عليهم خبره بعث في اثره (وقال الطبري) عن الواقدي الصحيح انه أقبل من الشأم في حي لقريش فنزل بالمدينة ومرض بها ومات ثم أقام عبد المطلب في رياسة قريش بمكة والكون يصغى لملك العرب والعالم يتمخض بفصال النبوة إلى أن وضح نور الله من أفقهم وسرى خبر السماء إلى بيوتهم واختلفت
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 331 332 333 334 335 336 337 338 » »»