* (الخبر عن قريش من هذه الطبقة وملكهم بمكة وأولية أمرهم وكيف صار الملك إليهم فيها ممن قبلهم من الأمم السابقة) * قد ذكروا عند الطبقة الأولى أن الحجاز وأكناف العرب كانت ديار العمالقة من ولد عمليق بن لاوذ وانهم كان لهم ملك هنا لك وكانت جرهم أيضا من تلك الطبقة من ولد يقطن بن شالخ بن ارفخشد وكانت ديارهم اليمن مع إخوانهم حضرموت وأصاب اليمن يومئذ قحط ففروا نحو تهامة يطلبون الماء والمرعى وعثروا في طريقهم بإسماعيل مع أمه هاجر عند زمزم وكان من شأنه وشأنهم معه ما ذكرناه عند ذكر إبراهيم عليه السلام ونزلوا على قطورا من بقية العمالقة وعليهم يومئذ السميدع بن هوثر بثاء مثلثة ابن لاوي ابن قطورا بن ذكر بن عملاق أو عمليق واتصل خبر جرهم من ورائهم من قومهم باليمن وما أصابوا من النجعة بالحجاز فلحقوا بهم وعليهم مضاض بن عمرو بن سعيد بن الرقيب بن هن ء بن نبت بن جرهم فنزلوا على مكة بقعيقعان وكانت قطورا أسفل مكة وكان مضاض يعشر من دخل مكة من أعلاها والسميدع من أسفلها هكذا عند ابن إسحاق والمسعودي ان قطورا من العمالقة وعند غيرهما ان قطورا من بطون جرهم وليسوا من العمالقة ثم افترق أمر قطورا وجرهم وتنافسوا الملك واقتتلوا وغلبهم المضاض وقتل السميدع وانقضت العرب العاربة قال الشاعر مضى آل عملاق فلم يبق منهمو * حقير ولاذ وعزة متشاوس - عتوا فأدال الدهر منهم وحكمه * على الناس هذا واغد ومبايس - ونشأ إسماعيل صلوات الله عليه بين جرهم وتكلم بلغتهم وتزوج منهم حرا بنت سعد بن عوف بن هن ء بن نبت بن جرهم وهي المرأة التي أمره أبوه بتطليقها لما زاره ووجده غائبا فقال لها قولي لزوجك فليغير عتبته فطلقها وتزوج بنت أخيها مامة بنت مهلهل بن سعد ابن عوف ذكر هاتين المرأتين الواقدي في كتاب انتقال النور وتزوج بعدهما السيدة بنت الحرث بن مضاض بن عمرو بن جرهم ولثلاثين سنة من عمر إسماعيل قدم أبوه الحجاز فأمر ببناء الكعبة البيت الحرام وكان الحجر زربا لغنم إسماعيل فرفع قواعدها مع ابنه إسماعيل وصيرها خلوة لعبادته وجعلها حجا للناس كما أمره الله وانصرف إلى الشأم فقبض هنا لك كما مر وبعث الله إسماعيل إلى العمالقة وجرهم وأهل اليمن فآمن بعض وكفر بعض إلى أن قبضه الله ودفن بالحجر مع أمه هاجر ويقال آجر وكان عمره فيما يقال مائة وثلاثين سنة وعهد بأمره لابنه قيذار ومعنى قيذار صاحب الإبل وذلك لأنه كان صاحب إبل أبيه إسماعيل كذا قال السهيلي وقال غيره معناه الملك ويقال انما عهد لابنه نابت فقام ابنه بأمر البيت ووليها وكان ولده فيما ينقل أهل التوراة كما نقل اثنى عشر
(٣٣١)