تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٣٣٦
ثم هلك وقام بأمره في قومه بنوه من بعده وأقاموا على ذلك مدة وسلطان مكة لهم وأمر قريش جميعا ثم نفس بنو عبد مناف على بنى عبد الدار ما بأيديهم ونازعوهم فافترق أمر قريش وصاروا في مظاهرة بنى قصي بعضهم على بعض فرقتين وكان بطون قريش قد اجتمعت لعهدها ذلك اثنى عشر بطنا بنو الحرث بن فهر وبنو محارب بن فهر وبنو عامر بن لؤي وبنو عدى بن كعب وبنو سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب وبنو جمح بن عمرو بن هصيص وبنو تيم بن مرة وبنو مخزوم بن يقظة بن مرة وبنو زهرة ابن كلاب وبنو أسد بن عبد العزى بن قصي وبنو عبد الدار وبنو عبد مناف بن قصي فأجمع بنو عبد مناف انتزاع ما بأيدي بنى عبد الدار مما جعل لهم قصي وقام بأمرهم عبد شمس أسن ولده واجتمع له من قريش بنو أسد بن عبد العزى وبنو زهرة وبنو تيم وبنو الحرث واعتزل بنو عامر وبنو المحارب الفريقين وصار الباقي من بطون قريش مع بنى عبد الدار وهم بنو سهم وبنو جمح وبنو عدى وبنو مخزوم ثم عقد كل من الفريقين على أحلافه عقدا مؤكدا وأحضر بنو عبد مناف وحلف قومهم عند الكعبة جفنة مملوءة طيبا غمسوا فيها أيديهم تأكيدا للحلف فسمى حلف المطيبين وأجمعوا للحرب وسووا بين القبائل وأن بعضها إلى بعض فعبت بنو عبدار لبنى أسد وبنو جمح لبنى زهرة وبنو مخزوم لبنى تيم وبنو عدى لبنى الحرث ثم تداعوا للصلح على أن يسلموا لبنى عبد مناف السقاية والرفادة ويختص بنو عبد الدار بالحجابة واللواء فرضى الفريقان وتحاجز الناس (وقال الطبري) قيل ورثها من أبيه ثم قام بأمر بنى عبد مناف هاشم ليساره وقراره بمكة وتقلب أخيه عبد شمس في التجارة إلى الشام فأحسن هاشم ما شاء في اطعام الحاج واكرام وفدهم ويقال انه أول من أطعم الثريد الذي كان يطعم فهو ثريد قريش الذي قال في النبي صلى الله عليه وسلم فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام والثريد لهذا العهد ثريد الخبز بعد أن يطبخ في المقلاة والتنور وليس من طعام العرب الا ان عندهم طعاما يسمونه البازين يتناوله الثريد لغة وهو ثريد الخبز بعد أن يطبخ في الماء عجينا رطبا إلى أن يتم نضجه ثم يدلكونه بالمغرفة حتى تتلاحم أجزاؤه وتتلازج وما أدرى هل كان ذلك الطعام كذلك أولا إلا أن لفظ الثريد يتناوله لغة ويقال ان هاشم بن عبد المطلب أول من سن الرحلتين في الشتاء والصيف للعرب ذكره ابن إسحاق وهو غير صحيح لان الرحلتين من عوائد العرب في كل جيل لمراعي ابلهم ومصالحها لان معاشهم فيها وهذا معنى العرب وحقيقتهم أنه الجيل الذي معاشهم في كسب الإبل والقيام عليها في ارتياع المرعى وانتجاع المياه والنتاج والتوليد وغير ذلك من مصالحها والفرار بها من أذى البرد عند التوليد إلى القفار
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 331 332 333 334 335 336 337 338 » »»