تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٥٨٤
في ذلك إلى الغاية واستظرفه الناس جملة الخاصة والكافة لسهولة تناوله وقرب طريقه وكان المخترع لها بجزيرة الأندلس مقدم بن معافر الفريري من شعراء الأمير عبد الله بن محمد المرواني وأخذ ذلك عنه أبو عبد الله أحمد بن عبد ربه صاحب كتاب العقد ولم يظهر لهما مع المتأخرين ذكر وكسدت موشحاتهما فكان أول من برع في هذا الشأن عبادة القزاز شاعر المعتصم ابن صمادح صاحب المرية بدر تم. شمس ضحا * غصن نقا. مسك شم ما أتم. ما أوضحا * ما أورقا. ما انم لا جرم. من لمحا * قد عشقا. قد حرم وزعموا أنه لم يسبقه وشاح من معاصريه الذين كانوا في زمن الطوائف وذكر غير واحد من المشايخ أن أهل هذا الشأن بالأندلس يذكرون أن جماعة من الوشاحين اجتمعوا في مجلس بأشبيلية وكان كل واحد منهم اصطنع موشحة وتأنق فيها فتقدم الأعمى الطليطلي للانشاد فلما افتتح موشحته المشهورة بقوله ضاحك عن جمان. سافر عن در * ضاق عنه الزمان. وحواه صدري صرف ابن بقي موشحته وتبعه الباقون وذكر الأعلم البطليوسي أنه سمع ابن زهير يقول ما حسدت قط وشاحا على قول إلا ابن بقي حين وقع له أما ترى أحمد. في مجده العالي لا يلحق * أطلعه الغرب. فأرنا مثله يا مشرق وكان في عصرهما من الموشحين المطبوعين أبو بكر الأبيض وكان في عصرهما أيضا الحكيم أبو بكر بن باجة صاحب التلاحين المعروفة ومن الحكايات المشهورة أنه حضر مجلس مخدومه ابن تيفلويت صاحب سرقسطة فألقى على بعض قيناته موشحته جرر الذيل أيما جر * وصل الشكر منك بالشكر فطرب الممدوح لذلك لما ختمها بقوله عقد الله راية النصر * لأمير العلا أبي بكر فلما طرق ذلك التلحين سمع ابن تيفلويت صاح وا طرباه وشق ثيابه وقال ما أحسن ما بدأت وختمت وحلف بالايمان المغلظة لا يمشي ابن باجة إلى داره إلا على الذهب فخاف الحكيم سوء العاقبة فاحتال بأن جعل ذهبا في نعله ومشى عليه
(٥٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 578 579 580 581 582 583 584 585 586 587 588 » »»