تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٥٧١
الثلاثة خارجة عن هذه الصناعة الشعرية وإنما يرجع إلى صورة ذهنية للتراكيب المنتظمة كلية باعتبار انطباقها على تركيب خاص وتلك الصورة ينتزعها الذهن من أعيان التراكيب وأشخاصها ويصيرها في الخيال كالقالب أو المنوال ثم ينتقي التراكيب الصحيحة عند العرب باعتبار الاعراب والبيان فيرصها فيه رصا كما يفعله البناء في القالب أو النساج في المنوال حتى يتسع القالب بحصول التراكيب الوافية بمقصود الكلام ويقع على الصورة الصحيحة باعتبار ملكة اللسان العربي فيه فان لكل فن من الكلام أساليب تختص به وتوجد فيه على أنحاء مختلفة فسؤال الطلول في الشعر يكون بخطاب الطلول كقوله يا دار مية بالعلياء فالسند ويكون باستدعاء الصحب للوقوف والسؤال كقوله. قفا نسأل الدار التي خف أهلها. أو باستبكاء الصحب على الطلل كقوله. قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل. أو بالاستفهام عن الجواب لمخاطب غير معين كقوله. ألم تسأل فتخبرك الرسوم. ومثل تحية الطلول بالأمر لمخاطب غير معين بتحيتها كقوله. حي الديار بجانب الغزل. أو بالدعاء لها بالسقيا كقوله أسقى طلولهم أجش هزيم * وغدت عليهم نضرة ونعيم أو سؤاله السقيا لها من البرق كقوله يا برق طالع منزلا بالأبرق * واحد السحاب لها حداء الأينق أو مثل التفجع في الجزع باستدعاء البكاء كقوله كذا فليجل الخطب وليفدح الامر * وليس لعين لم يفض ماؤها عذر أو باستعظام الحادث كقوله. أرأيت من حملوا على الأعواد. أو بالتسجيل على الأكوان بالمصيبة لفقده كقوله منابت العشب لا حام ولا راع * مضى الردى بطويل الرمح والباع أو بالانكار على من لم يتفجع له من الجمادات كقول الخارجية أيا شجر الخابور مالك مورقا * كأنك لم تجزع على ابن طريف أو بتهنئة فريقه بالراحة من ثقل وطأته كقوله ألقى الرماح ربيعة بن نزار * أودى الردى بفريقك المغوار
(٥٧١)
مفاتيح البحث: البكاء (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 566 567 568 569 570 571 572 573 574 575 576 ... » »»