ووجدت ب ' دمشق ' الحافظ المقدم، والإمام الذي فاق من تأخر وتقدم، أبا الحجاج المزي: بحر هذا العلم الزاخر، القائل من رآه: كم ترك الأوائل للأواخر؟! أحفظ الناس للتراجم، وأعلمهم بالرواة من أعارب وأعاجم، لا يخص بمعرفته مصرا دون مصر، ولا ينفرد علمه بأهل عصر دون عصر، معتمدا آثار السلف الصالح، مجتهدا فيما نيط به في حفظ السنة من المصالح، معرضا عن الدنيا وأشباهها، مقبلا على طريقته التي أربى بها على أربابها، لا يبالي ما نال من الأزل، ولا يخلط جده بشيء من الهزل، وكان بما يضعه بصيرا، وبتحقيق ما يأتيه جديرا، وهو في اللغة إمام، وله بالقريض إلمام. وكنت أحرص على فوائده؛ لأحرز منا ما أحرز، وأستفيد من حديثه الذي إن طال لم يملل، وإن أوجز وودت أنه لم يوجز، رحمه الله تعالى.
592 - سبط ابن الجوزي يوسف بن قزغلى بالقاف والزاي والغين المعجمة واللام الإمام المؤرخ الواعظ شمس الدين، أبو المظفر التركي البغدادي سبط الشيخ الإمام جمال الدين، نزيل ' دمشق '. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وتوفي رحمه الله تعالى سنة أربع وخمسين وستمائة. سمع من جده، وسمع ب ' الموصل ' و ' دمشق ' من جماعة، وكان إماما فقيها واعظا وحيدا في الوعظ، علامة في التاريخ والسير، وافر الحرمة، محببا إلى الناس حلو الوعظ. قدم ' دمشق ' وهو ابن نيف وعشرين سنة، ونفق على أهلها، وأقبل عليه أولاد الملك العادل، وصنف في الوعظ والتاريخ. وكان والده قزغلى من مماليك الوزير عون الدين بن هبيرة، وهو صاحب ' مرآة الزمان '. قال الشيخ شمس الدين: وقد اختصره قطب الدين اليونينى وذيل