فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ٦٦٨
شيئا كثيرا في الوقت بالدجاج المحشي بالسكر والفستق وغيره، فقال: كيف تهيا لك هذا؟ فقلت: هو من نعمتك، اشتريته من باب القلعة. وكانت نفقته في كل يوم أكثر من عشرين ألف درهم. وكان يحاضر الأدباء والفضلاء، وعلى ذهنه كثير من الشعر والأدب، وله نوادر ونظم، وحسن ظن بالصالحين. وبنى ب ' دمشق ' مدرسة جوا ' باب الفراديس '، وبالجبل رباطا، وبنى الخان عند المدرسة الزنجيلية. وبلغه عن بعض الفقراء من الأجناد أنه تسمح في حقه فأحضره ليؤدبه؛ فلما رأى وجله رق له وأمر له بذهب؛ وصرفه ولم يؤاخذه. وكانت تمر له الأيام الكثيرة يجلس فيها من أول النهار إلى نصف الليل يوقع على الأوراق ويصل الأرزاق، وقيل: أنه خلع في أقل من سنة أكثر من عشرين ألف خلعة. وكانوا الفرنج قد ضمنوا له أخذ الديار المصرية على أن يسلم إليهم ' القدس ' وبلادا أخر، ودار الأمر على أن تعطى لهم أو للمصريين، فبذل ذلك للمصريين اتباعا لرضا الله عز وجل، وقال: والله لا لقيت الله تعالى وفي صحيفتي إخراج ' القدس ' عن المسلمين. ولما بعد عن خزائنه احتاج إلى قرض؛ أرهن أملاكه وضرب أواني الذهب والفضة، وقيل له في أخذ القابض من الأوقاف، فما مد يده إلى شيء منها ب ' دمشق ' ولا ب ' حلب '. قال ابن العديم: حضر بعض المدرسين إلى العسكر، ورفع على يدي قصة بين يديه تتضمن التضور من قلة معلومه، ويذكر أن عياله وصلوا من ' مصر: وأنه لا يطلب التثقيل على السلطان في مثل هذا الوقت الذي يحتاج فيه إلى الكلف، بل يطلب زيادة في المدرسة التي هو بها، فسأل عن شرط الواقف، فقيل: شرطه ما يتناوله الآن، لكن ذكر أنه في كتاب الوقف ما يدل على أن السلطان يزيده إذا رأى في ذلك مصلحة، فأطرق كما هي عادته إذا لم ير قضاء ما طلب، ولم يرد في ذلك جوابا، ولم يهن عليه رده خائبا، وتورع عن مخالفة الواقف، فقرر له ما طلبه على ديوانه دون الوقف.
(٦٦٨)
مفاتيح البحث: دمشق (2)، الظنّ (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 663 664 665 666 667 668 669 670 671 672 673 ... » »»