الأمهات الستة و ' المعجم الكبير ' و ' تاريخ الخطيب ' و ' النسب ' لابن الزبير و ' السيرة ' و ' الموطأ ' من طرق، و ' الزهد ' و ' المستخرج على مسلم ' و ' الحلية ' و ' السنن ' للبيهقي، و ' دلائل النبوة '، وأشياء يطول ذكرها ومن الأجزاء ألوفا، ومشيخته نحو الألف حفظ القرآن الكريم وعنى باللغة وبرع فيها وأتقن النحو والتصريف ولما ولى دار الحديث الأشرفية تمذهب للشافعي، وأشهد عليه بذلك. وكان فيه حياء وسكينة، وحلم واحتمال، وقناعة واطراح تكلف، وترك التجمل والتودد والانجماع عن الناس وقلة الكلام، إلا أنه يسأل فيجيب ويجيد، وكلما طالت مجالسة الطالب له ظهر له فضله. وكان لا يتكثر بفضائله، كثير السكوت لا يغتاب أحدا. وكان معتدل القامة مشربا بحمرة، قوى التركيب متع بحواسه وذهنه. وكان قنوعا غير متأنق في ملبس أو مأكل، يصعد إلى ' الصالحية ' وغيرها ماشيا وهو في عشر التسعين. وكان يستحم بالماء البارد في الشتاء. كان قد امتحن بالمطالب وتتبعها، فيعثر به من الشياطين جماعة، فيأكلون ما معه، ولا يزال في فقر لأجل ذلك. وأما معرفة الرجال فإليه تشد الرحال، فإنه كان الغاية وحامل الراية. ولما ولى دار الحديث قال الشيخ تقى الدين: لم يل هذه المدرسة من حين بنائها وإلى الآن أحق منه بشرط الواقف، وقد وليها جماعة كبار مثل ابن صلاح ومحيى الدين النواوي وابن الزبيدي؛ لأن الواقف قال: فإن اجتمع من فيه الرواية ومن فيه الدارية قدم من فيه الدراية. قال الشيخ شمس الدين: لم أر أحفظ منه، ولم ير هو مثل نفسه. قال الشيخ شمس الدين: لم يسألني ابن دقيق العيد إلا عنه. وكان قد اغتر في شبيبته وصحب عفيف الدين التلمساني، فلما تبين له مذهبه هجره وتبرأ منه. صنف كتاب: ' تهذيب الكمال ' في أربعة عشر مجلدا، كشف به الكتب القديمة في هذا الشأن، وسارت به الركبان، واشتهر في حياته، وألف كتاب: ' أطراف الكتب الستة ' في تسعة أسفار. قال الشيخ شمس الدين: قرأت بخط الحافظ فتح الدين بن سيد الناس:
(٦٦٢)