فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ٥٨٩
إلى بيت وأخذ جماعة عنده يتعلم منهم العربية وطين عليه وعليهم الباب وقال لا أخرج حتى أقيم لساني إعرابا ثم إنه خرج بعد ستة أشهر وأكثر فلما خطب زاد لحنة على ما كان فقال له أبوه لقد أبلغت عذرا كان أبيض أفطس به أثر جدري وكان جميلا وطويلا بويع له بدمشق يوم الخميس منتصف شوال سنة ست وثمانين بعهد من أبيه وتوفي يوم السبت لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وله تسع وأربعون سنة وصلى عليه أخوه سليمان بدير مروان من دمشق وحمل إلى مقابر باب الصغير ودفن بها وفي أيامه هلك الحجاج بن يوسف ويقال إن في أيامه نقلت الدواوين من الفارسية إلى العربية وكان يتبختر في مشيته وكان يختن الأيتام ويرتب لهم المؤدبين ورتب للزمني والأضراء من يقودهم ويخدمهم لأنه أصابه رمد بعينيه فأقام مدة لا يبصر شيئا فقال إن أعادهما الله تعالى على قمت بحقه فيهما فلما برئ رأى أن شكر هذه النعمة الإحسان إلى العميان فأمر ألا يترك أعمى في بلاد الإسلام يسأل بل يرتب له ما يكفيه ولما حضرته الوفاة قال ما أبالي بفراق الحياة بعدما فتحت السند والأندلس وبنيت جامع دمشق ويكفيه بنيانه جامع دمشق ومسجد رسول الله ورزق الفقراء والعميان فإن له في ذلك شرفا خالدا وذكرا باقيا وكان مطلاقا لا يصبر على المرأة إلا القليل ويطلقها فقيل له في ذلك فقال إنما النساء رياحين فإذا ذبلت باقة استأنفت أخرى وحديثه مع وضاح اليمن ومع زوجته أم البنين مذكورة في ترجمة وضاح اليمن واسمه عبد الرحمن ولما مات أبوه عبد الملك تمثل هشام بقول الشاعر * فما كان قيس هلكه هلك واحد * ولكنه بنيان قوم تهدما * فقال له الوليد اسكت فإنك تتكلم بلسان الشيطان هلا قلت كما قال أوس ابن حجر * إذا مقرم منا ذرا حد نابه * تخمط فينا ناب أخر مقرم * وعيره خالد بن يزيد باللحن فقال أنا ألحن في القول وأنت تلحن في الفعل
(٥٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 584 585 586 587 588 589 590 591 592 593 594 ... » »»