فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ٥٤٩
امضى إليه ولا أطلب رزقي من كافر وعاد إلى منزله متوكلا على الله تعالى وقال * نفس ما عن ديننا من بدل * فدعى الدنيا وخلى جدلي * * ما تساوى أننا نمضي إلى * مشرك إذ ذاك عين الزلل * * إن يكن دين علينا فلنا * خالق يقضيه هذا أملي * ولم يزل ذلك الذهب عند الحكيم النصراني إلى أن مات وأخذ من تركته وحمل إلى القاضي ومولده في شهور سنة أربع وستين وخمسمائة ووفاته سنة ثلاث وثلاثين وستمائة وكانت جنازته عظيمة ودفن إلى جانب قبر الإمام أحمد بن حنبل وقيل بل دفن معه تولى ذلك الرعاع والعوام وقبض على من فعل ذلك وعوقب وحبس ونبش بعد ثلاثة أيام ونقل وعفى قبره ولم يعلم أين دفن ورثاه الشيخ يحيى الصرصري رحمه الله تعالى بقوله * أبا صالح ما العيش بعدك صالح * ونزحت ففيك الحزن للدمع نازح * * وما مقل ضنت عليك بمائها * غداة النوى إلا عيون شحائح * * نأيت وصعب الدمع بعدك بالأسى * ذلول ومطواع التصبر جامح * * على مثلك اليوم البكاء لذي الحجا * مباح وفيك القلب بالحزن نائح * * وما عذر عين لا تفيض دموعها * عليك وآماق المعالي سوافح * * على صفحات المكرمات كآبة * لفقدك لما غيبتك الصفائح * * فلله فبر ضم فضلك إنه * لقبر بعيد قطرة متفاسح * * به الروح والريحان والنور عاكف * وفوق ثراه فأرة المسك فاتح * * لئن ذقت كأسا ذاقها أحمد الرضا * وقد ذاقها من قبل هود وصالح * * لما مات ما أحييت من سنن الهدى * يعلمك فليرغم حسود وكاشح * * سقى جدثا أصبحت فيه مخيما * من السلسبيل العذب غاد ورائح * * علوت بقرب من إمامك ذروة * تسنمتها إذ أنت عنه تنافح * * وما كنت إلا سر جدك ميتا * وحيا فميزان العلا بك راجح * * وكنت عماد الدين معنى وصورة * وغيرك عن ألقابه متنازح * * سموت بمجد سابق ثم لاحق * فقصر في الأوصاف ناع ومادح *
(٥٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 554 ... » »»