السلطان فلما أحس بذلك فر إلى السلطان على طريق البدرية ودخل على السلطان وهو بالرمل فعفا عنه وجاء إلا دمشق وتوجه إلى حلب وأقرأ بها ودرس وأقبل عليه الحلبيون إقبالا زائدا وعاشرهم وكان محفوظا لم يقع بينه وبين أحد من الكبار إلا وعاد من أحب الناس فيه وكان حسن الشكل تام الخلق حسن البزة حلو المجالسة طيب المفاكهة وعنده كرم مفرط كل ما يحصل له ينفقه بنفس متسعة ملوكية وكان يتردد إلى الصلحاء ويلتمس دعاءهم ويطلب بركتهم قيل إنه وقف له فقير وكانت ليلة عيد وقال له شيء لله فالتفت إلى غلامه وقال إيش معك قال مائتا درهم قال ادفعها إلى هذا الفقير فقال له يا سيدي الليلة العيد وما معنا شيء ننفقه غدا فقال امض إلى القاضي كريم الدين وقل له الشيخ يهنيك بالعيد فلما رأى كريم الدين غلام الشيخ قال كأن الشيخ يعوز نفقة في هذا العيد ودفع له ألفي درهم وثلاثمائة للغلام فلما حضر إلى الشيخ قال صدق رسول الله الحسنة بعشرة مائتان بألفين وكان له مكارم كثيرة ولطف زائد وحسن عشرة وأما أوائل عشرته فما كان لها نظير لكنه ربما يحصل عنده ملل في آخر الحال حتى قال فيه القائل * وداد ابن الوكيل له شبيبة * بلبادين جلق في المسالك * * فأوله حلي ثم طيب * وآخره زجاج مع لوالك * وشعره مليح إلى الغاية وكان ينظم الشعر والموشح والدوبيت والمخمس والزجل والبليق ومن تصانيفه ما جمعه في سفينة وسماه الأشباه والنظائر يقال إنه شيء غريب وعمل مجلدة في السؤال الذي حضر عند أسندمر نائب طرابلس وفي الفرق بين الملك والنبي والشهيد والولي والعالم ومن شعره قصيدة بائية أولها * ليذهبوا في ملامي أية ذهبوا * في الخمر لا فضة تبقى ولا ذهب *
(٤١٧)