فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ٢٣١
الرحم وقالوا إن هذا الرجل هالك وقد حكمناك في المهر فأبى وحلف بالطلاق ألا يزوجها به أبدا وقال يا قوم أفضح نفسي وعشيرتي فانصرفوا عنه وزوجها رجل من قومه وبنى بها في تلك الليلة فيئس المجنون وزال عقله جملة فقالوا لأبيه احجج به وادع الله له فلعل الله أن يخلصه فحج به فلما كان بمنى سمع صارخا بالليل يصيح يا ليلى فصرخ صرخة كادت نفسه تزهق معها ووقع مغشيا عليه ولم يزل كذلك حتى أصبح فأفاق وهو حائل اللون وجعل يقول * عرضت على قلبي العزاء فقال لي * من الآن فايأس لا أعزك من صبر * * إذا بان من تهوى وأصبح نائيا * فلا شيء أجدى من حلولك في القبر * * وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى * فهيج أحزان الفؤاد وما يدري * * دعا باسم ليلى غيرها فكأنما * أطار بليلى طائرا كان في صدري * * دعا باسم ليلى ضلل الله سعيه * وليلى بأرض عنه نازحة قفر * قال العتبي مر المجنون يوما بزوج ليلى وهو جالس يصطلي في يوم بارد فوقف عليه المجنون ثم أنشأ يقول * بربك هل ضممت إليك ليلى * قبيل الصبح أو قبلت فاها * * وهل رفت عليك قرون ليلى * رفيف الأقحوانة في نداها * فقال اللهم إذ حلفتني فنعم فقبض المجنون بكلتا يديه قبضتين من الجمر فسمع نشيش لحمه وسقط لحم كفيه مع الجمر ووقع مغشيا عليه وقام زوج ليلى متعجبا منه مغموما عليه ومن شعر المجنون * أيا جبلي نعمان بالله خليا * سبيل الصبا يخلص إلي نسيمها * * أجد بردها أو تشف مني حرارة * على كبد لم يبق إلا صميمها * * فإن الصبا ريح إذا ما تنسمت * على نفس مهموم تجلت همومها *
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»