فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ٢٢٧
واصنع ما أنت صانع لو مت في علتي هذه قال ولا هذه قال فأدع لبنى عندك وأرتحل عنك فلعلي أسلوها فإنها تطيب نفسي أنها في حبالي قال ولا هذه ولا أرضى إلا أن تطلقها ثم حلف أنه لا يكنه بيت ولا سقف إلا أن تطلق لبنى وكان يخرج فيقف في الشمس فيجيء قيس ويقف إلى جانبه ويظلل عليه بردائه ويصلي هو بحر الشمس حتى يفيء الفيء فينصرف عنه فيدخل إلى لبنى فيعانقها ويبكي وتبكي معه وتقول له يا قيس إياك أن تطيع أباك فتهلك وتهلكني فيقول ما كنت لأطيع فيك أحدا أبدا فيقال إنه مكث كذلك سنة وقيل بل أربعين يوما ثم طلقها فلما بانت بطلاقها وفرغ من الكلام لم يلبث أن استطير عقله ولحقه مثل الجنون وأسف وجعل يبكي وينشج وبلغها الخبر فأرسلت إلى أبيها فأقبل بهودج على ناقة وإبل تحمل أثاثها فلما رأى قيس ذلك أقبل على جاريتها وقال ويلك ما دهاني فيكم قالت لا تسألني وسل لبنى فذهب إلى لبنى ليسلم عليها فمنعه قومها وأقبلت عليه امرأة من قومه وقالت له مالك تسأل كأنك جاهل أو تتجاهل هذه لبنى ترحل الليلة أو غدا فسقط مغشيا عليه لا يعقل ثم أفاق وهو يقول * وإني لمفن دمع عيني بالبكا * حذار الذي قد كان أو هو كائن * * وقالوا غدا أو بعد ذاك بليلة * فراق حبيب لم يبن وهو بائن * * وما كنت أخشى أن تكون منيتي * بكفك إلا أن ما حان حائن * ورحلت لبنى واشتد مرضه فسأل أبوه فتيات الحي أن يعدنه ويتحدثن عنده ويعللنه فأتينه وجلسن عنده وجاءه طبيب يداويه فقال قيس * عدن قيسا من حب لبنى ولبنى * داء قيس والحب داء شديد * * فإذا عادني العوائد يوما * قالت العين لا أرى من أريد * * ليت لبنى تعودني ثم أقضي * إنها لا تعود فيمن يعود * * ويح قيس ماذا تضمن منها * داء خبل والقلب منه عميد * فقال له الطبيب مذ كم وجدت العلة بهذه المرأة فقال
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»