ابن عبد المطلب أمير المؤمنين المسترشد بالله بن المستظهر بن المقتدي بويع بالخلافة ليلة الخميس الرابع والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وخمسمائة بايعه سبعة من أولاد الخلفاء وكان المسترشد أشقر أعطر أشهل خفيف العارضين وجلس للناس جلوسا عاما وكان المتولي للبيعة قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد الدامغاني وبايع الناس إلى الظهر ثم أخرجت جنازة المستظهر وكان عمره لما بويع سبعا وعشرين سنة لأن مولده سنة ست وثمانين وأربعمائة وكان يتنسك في أول زمانه ويلبس الصوف وينفرد في بيت للعبادة وختم القرآن وتفقه وكان مليح الخط لم يكن قبله في الخلفاء من كتب أحسن منه وكان يستدرك على كتابه أغاليطهم وكان ابن الأنباري يقول أنا وراق الإنشاء ومالك الأمر يتولى ذلك بنفسه الشريفة وكان ذا هيبة وإقدام وشجاعة وضبط الخلافة ورتبها أحسن ترتيب وأحيا رميمها وشيد أركان الشريعة ولم تزل أيامه مكدرة بكثرة التشويش من المخالفين وكان يخرج بنفسه لدفع ذلك ومباشرته إلى أن خرج الخرجة الأخيرة فكسر وأسر وقتلته الملاحدة جهزهم عليه السلطان مسعود فهجموا عليه في مخيمه بظاهر مراغة سنة تسع وعشرين وخمسمائة وكانت خلافته سبع عشرة سنة وثمانية أشهر وأياما وكان عمره خمسا وأربعين سنة ومن شعره لما كسر وأشير عليه بالهزيمة * قالوا تقيم وقد أحا * ط بك العدو ولا تفر * * فأجبتهم المرء ما * لم يتعظ بالوعظ غر * * لا نلت خيرا ما حيي * ت ولا عداني الدهر شر * * إن كنت أعلم أن غي * ر الله ينفع أو يضر * ومن شعره * أقول لشرخ الشباب اصطبر * فولى ورد قضاء الوطر * * فقلت قنعت بهذا المشيب * وإن زال غيم فهذا مطر * * فقال المشيب أيبقى الغبار * على جمرة ذاب منها الحجر *
(٢٠٨)