* الله فرد واحد * فاجعل ولاة العهد فردا * فجعله الرشيد ثالثهما ثم وشى به بعد ذلك الناس وتتابعت الأخبار عنه بفساد نيته للرشيد فدخل عليه في بعض الأيام وقد امتلأ قلب الرشيد فقال له أكفرا بالنعمة وغدرا بالإمام فقال عبد الملك قد بؤت إذن بأعباء الذم واستحلال النقم وما ذاك يا أمير المؤمنين إلا بغى حاسد نافس فيك وفي تقديم الولاية ومودة القرابة يا أمير المؤمنين إنك خليفة رسول الله في أمته وأمينه على عترته لك عليها فرض الطاعة وأداء النصيحة ولها عليك العدل في حكمها والتثبت في حادثها فقال الرشيد هذا قمامة كاتبك يخبر بفساد نيتك وسوء سيرتك ثم أمر بإحضاره وقال له الرشيد تكلم غير خائف ولا هائب فقال أقول إنه عازم على الغدر بك يا أمير المؤمنين والخلاف عليك فقال عبد الملك وكيف لا يكذب على من خلفي من يبهتني في وجهي فقال الرشيد فهذا عبد الرحمن ابنك يقول بقول كاتبك ويخبر عن سوء ضميرك وفساد نيتك وأنت لو أردت أن تحتج بحجة لم تجد أعدل من هذين فقال يا أمير المؤمنين عبد الرحمن بين مأمور أو عاق فإن كان مأمورا فمعذور وإن كان عاقا فهو عدو أخبر الله بعداوته وحذر منها فقال جل ثناؤه في محكم كتابه * (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) * التغابن 14 فنهض الرشيد فقال أما أمرك فقد وضح ولكن لا أعجل حتى أعلم ما الذي يرضي الله فيك فإنه الحكم بيني وبينك فقال عبد الملك رضيت بالله حكما وبأمير المؤمنين حاكما فإني أعلم أنه يؤثر كتاب الله على هواه وأمر الله على رضاه ثم إنه دخل عليه في مجلس آخر وسلم فلم يرد عليه الرشيد فلم يزل يعتذر ويحتج لنفسه بالبراءة حتى أقبل عليه بوجهه وقال ما أظن الأمر إلا كما قلت يا أبا عبد الرحمن فأنت محسد وأمير المؤمنين يعلم أنك على سريرة صالحة غير مدخولة ولا خسيسة ثم دعا عبد الملك بشربة ماء فقال له الرشيد ما شرابك يا أبا عبد الرحمن فقال سحيق الطبرزد بماء الرمان
(٢٢)