فوات الوفيات - الكتبي - ج ١ - الصفحة ٥٢٣
* وأن قلبي وجفني بعد بعدهم * ذا دائم وجده فيهم وذا دامي * * بانوا فبان رقادي يوم بينهم * فلست أطمع من طيف بإلمام * * كتمت شأن الهوى يوم النوى فنما * بسره من جفوني أي نمام * * كانت ليالي بيضا في دنوهم * فلا تسل بعدهم عن حال أيامي * * ضنيت وجدا بهم والناس تحسب بي * سقما فأبهم حالي عند لوامي * * وليس أصل ضني جسمي النحيل سوى * فرط اشتياقي إلى لقيا ابن تمام * * مولى متى أخل من برء برؤيته * خلوت منه بأشجان وأسقام * * نأى ورؤيته عندي أحب إلى * قلبي من الماء عند الحائم الظامي * * وصد عني ولم يسأل بجفوته * عن هائم دمعه من بعده هامي * * يا ليت شعري ألم يبلغه أن له * أخا بمصر ضعيف الجسم مذ عام * * ما كان ظني هذا في مودته * ولا الحديث كذا عن ساكن الشام * * يا غائبا داره قلبي ولو هجعت * عيني لأدنته مني رسل أحلامي * * أصبحت بعد اشتطاطي في الحقبقة من * لقياك أخدع آمالي بأوهام * * هذا ولم يبق لي في لذة أرب * إلا اجتماعي بأصحابي وألزامي * * وإن هم خلفوني مفردا ونأوا * وافيت أسهر أجفاني لنوام * * وأين نيل مرامي من لقائهم * ضاق الزمان وهيا سهمه الرامي * * ولت بشاشة أيامي فلو عرضت * علي أعرضت عنها غير مستام * * هل بعد سبعين لي إلا التأهب من * أجل الرحيل بإسراج وإلجام * * ألناس يرجون ما قد قدموا لغد * والخوف من سوء ما قدمت قدامي * * ولست أرجو سوى عفو الإله وأن * ألقى السلامة في الأخرى بإسلامي * * بلى وحب الذي أرجوه يشفع لي * غدا إذا جئته أسعى بآثامي * * فاذكر أخاك بظهر الغيب وادع له * فأنت في نفسه من خير أقوام * * لعل يجمعنا في دار رحمته * من عفوه فوق إسرافي وإجرامي * * عليك منى سلام الله ما ابتسمت * أزاهر الروض من دمع الحيا الهامي * فأجابه الشيخ تقي الدين رحمهما الله تعالى * يا ساكني مصر فيكم ساكن الشام * يكابد الشوق من عام إلى عام * * الله في رمق أودى السقام به * كم ذا يعلل فيكم نضو أسقام *
(٥٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 ... » »»